فكان موقف الإمام السجاد عليهالسلام مقاومة ذلك بحكمة وحنكة ، حتى صيّر
أمره الى الإحباط.
فلابدّ أن يعرف : أنّ قضيّة الإمامة
وثبوتها لأئمة أهل البيت عليهمالسلام
، وخلافة الخلفاء وحقّهم في الحكم ، قضيّة أدق من أن يبتّ فيها بمجرد الرفض واللعن
والتكفير والطرد ، والقذف والسبّ ، أو إثارة الضجيج والعجيج ، وكيل التهم والتقبيح
، والتنفير والتهجير ، والاستهزاء والتهجين.
بل هي عند العقلاء قضيّة قناعة واعتقاد
وأرقام ونصوص وحقوق وصفات وفضائل.
وهي عند أهل
البيت عليهمالسلام قضيّة هداية
وإيمان ، محورها « الحق » الذي أمرنا الله بالتواصي به ، والصبر عليه.
واذا تصدّى
لها أئمة أهل البيت عليهمالسلام
، وتعرّضوا لها ، وطالبوا بها فليس لحاجة في أنفسهم إليها أو الى مآربها ، بل إنما
من أجل أولئك الناس أنفسهم ، وهدايتهم الى « الحق
» المنشود من كلّ الرسالات الإلهية.
فقد كان الإمام السجاد عليهالسلام يقول : ما ندري ، كيف نصنع بالناس؟! إن حدثناهم بما
سمعنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضحكوا ، وإن سكتنا ،
لم يسعنا ... [١].
وكان
الإمام الباقر عليهالسلام يقول : بليّة الناس ـ
علينا ـ عظيمة ، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا[٢].
وبهذا المنطق ، الواقعي ، المتين ،
الحنون ، الواضح ، دخل أهل البيت عليهمالسلام
في موضوع الخلافة والإمامة ، وحكموا عليها ولها.
وإذا كان هذا هو المنطلق ، فلا بدّ أن
يكون المسير على طريق مصلحة الناس ، وهم المسلمون في كلّ عصر ومصر ، ومن أجل
الحفاظ على دينهم الحقّ وهو الإسلام المحمّدي الخالص.
وعلى هذا الأساس ، لم يسمح الأئمة عليهمالسلام للغوغاء ، أن يتدخّلوا في هذه القضيّة
ـ الخلافة ـ كي لا يغرقوا في غمارها ، ولا يصبحوا ألعوبة في أيدي الدهاة