responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تسلية المُجالس وزينة المَجالس المؤلف : الكركي الحائري، السيد محمد    الجزء : 2  صفحة : 346

و نفعها صانعها بحلل عرفان صفات جبروته، فأشرقت أنوار توفيقه على مرايا أفئدتها، فانطبع مثال العالم العلويّ و السفليّ في ألواح معرفتها.

و لمّا أفرغ سبحانه حلل العناية على أعطافها، و منحها من كنوز العصمة ذخائر ألطافها، أنزلها إلى عالم الفناء لاستنقاذ عباده من ورطة جهالتهم، و تخليص أنامه من لجّة حيرتهم، و أن يسلكوا بهم سبيل النجاة إلى نعيم جنّته، و لورودهم معين الحياة من زلال رحمته، و يحكوا لهم ما شاهدوا من عجائب حكمته، و يصفوا ما عاينوا من غرائب صنعته، و ما أطلعهم عليه سبحانه من خواصّ قدرته، و ما أعدّ للمتّقين من نعيم لا تفنى أيّامه، و لا تنقضي أعوامه، و لا تبلى ثيابه، و لا يتسنّ طعامه و شرابه.

فهدوهم النجدين، و أوضحوا لهم السبيلين، و أروهم ما توعّد به من أرخى لامارته عنان شهوتها، و أجرى جواد معصيته في ميدان لذّتها، من نار فضيع عقابها، وجيع عذابها، ساطع لهبها، شديد كلبها، حامية قدورها، فضيعة شرورها، سلاسلها طوال، و مقامعها ثقال، و أهلها في بلاء شامل، و عناء متواصل، لا ينظر إليهم، و لا يعطف عليهم، قد أغلقت أبواب الرحمة عنهم و انقطعت الآمال منهم، حتّى إذا أوضحوا لهم الدليل، و هدوهم السبيل، و نقعوا غليلهم من عين صافية، بكأس وافية، فلبّى دعوتهم، و اتّبع شرعتهم، و اقتفى أثرهم، و أطاع أمرهم.

رجال صدقت عهودهم، و وفت وعودهم، و خلص يقينهم، و صفى معينهم، لم يلبسوا الظلم إيمانهم، و لم يشوبوا بشكّ إنفاقهم، بذلوا الأجساد في طاعتهم، و جادوا بالأرواح في نصرتهم، فأثبتهم سبحانه في ديوان خواصّه، و شرّفهم بتشريفه و اختصاصه، و ألحقهم بدرجة سادتهم، و رقى بهم إلى منزل‌

اسم الکتاب : تسلية المُجالس وزينة المَجالس المؤلف : الكركي الحائري، السيد محمد    الجزء : 2  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست