[خطبة عبد اللّه بن جعفر في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن
العاص، و كلام أمير المؤمنين عليه السلام]
ثمّ قال عليه السلام
لعبد اللّه بن جعفر: قم فتكلّم.
فقام عبد اللّه، و قال:
أيّها الناس، إنّ هذا الأمر كان النظر فيه إلى عليّ عليه السلام و الرضى فيه لغيره
فجئتم بعبد اللّه بن قيس فقلتم: لا نرضى إلّا بهذا فارض به فإنّه رضانا، و أيم
اللّه ما استفدناه علما، و لا انتظرنا منه غائبا، و لا أمّلنا ضعفه، و لا رجونا به
صاحبه، و لا أفسدا بما عملا العراق، و لا أصالحا الشام، و لا أماتا حقّ عليّ، و لا
أحييا باطل معاوية، و لا يذهب الحقّ رقية راق و لا نفحة شيطان، و إنّا اليوم على
ما كنّا عليه أمس، و جلس.
و من كلام أمير المؤمنين
عليه السلام[1]: ألّا و من
دعا إلى هذا الشّعار[2] فاقتلوه، و
لو كان تحت عمامتي هذه، فإنّما حكّم الحكمان ليحييا ما أحيى القرآن، و يميتا ما
أمات القرآن، و إحياؤه الاجتماع عليه، و إماتته الافتراق عنه، فإن جرّنا القرآن
إليهم اتّبعناهم، و إن جرّهم إلينا اتّبعونا، فلم آت- لا أبا لكم- بجرا، و لا
ختلتكم عن أمركم، و لا لبّسته[3] عليكم،
إنّما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا[4] عليهما ألّا يتعدّيا
القرآن، فتاها عنه، و تركا الحقّ و هما يبصرانه، فكان الجور هواهما فمضيا عليه، و
قد سبق استثناؤنا
[2] الشّعار: علامة القوم في الحرب و السفر، و هو
ما يتنادون به ليعرف بعضهم بعضا.
[3] البجر: الشرّ و الأمر العظيم. و ختلتكم:
خدعتكم. و التلبيس: خلط الأمر و تشبيهه حتى لا يعرف. و في الأصل: لا أبا لكم
بجواب، لأقلبنّكم عن أمركم، و لألبسنّه عليكم. و ما أثبتناه في المتن وفقا للنهج.