ضربت عنقه، ثمّ بعد ثلاث سار في أزقّة الكوفة فلم ير أحدا، و
كان الرجل منهم يرسل أمته من منزل العسكر لتلحقه بزاده و لا يجسر على الدخول لذلك.
[كلام أمير المؤمنين
عليّ عليه السلام مع أهل الكوفة]
و هذا معنى قول أمير
المؤمنين صلوات اللّه عليه: إنّي و اللّه- يا أهل الكوفة- أعلم ما يصلحكم، و لكنّي
لا افسد نفسي بصلاحكم[1].
معنى كلامه عليه السلام:
انّه لا يقيم أودهم إلّا الظلم و العسف و القتل كما فعل الحجّاج و غيره بهم، و لو
كان الايمان قد أثلج في قلوبهم، و الاخلاص قد باشر نيّاتهم، لابتغوا الدليل
المرشد، و الهادي الناصح، و المعلّم المشفق، الّذي جعله اللّه لسانه في خلقه، و
عينه في عباده، و أيّده بالعصمة، و قلّده أحكامه، لا يوازى في العلم، و لا يضاهى
في المجد، فنافقوه و خذلوه و غدروا به بعد أن لاحت علامات النصر، و سطعت أنوار
الفتح، و طلع فجر الحقّ، و أشرف صلوات اللّه عليه بثبات جأشه، و قوّة نصيحته، و
حياطته للاسلام و أهله، على إدحاض الباطل و جذّ أصله، و استئصال شأفته، فتقاعسوا
عن نصره، و أظهروا مكنون نفاقهم، و أبدوا مستور شقاقهم، و قالوا ما قالوا، و
واجهوه بما واجهوا، فعليهم لعائن اللّه ما أخبث نيّاتهم، و أدغل قلوبهم، و أعظم
فتنتهم، فلهذا أنزل اللّه بهم ما أنزل، و أحلّ بهم، فلا تراهم إلى يوم الناس إلّا مقهورين
مضطهدين تسومهم الاعتام سوء العذاب، و يفتح عليهم من الأذى كلّ باب، لا يخلصون من
فتنة إلّا