فقال أمير المؤمنين عليه
السلام: الآن طاب الضراب، ثمّ قال لابنه محمد بن الحنفيّة و الراية في يده: يا
بنيّ، تزول الجبال و لا تزول، عضّ على ناجذك، أعر اللّه جمجمتك، تد في الأرض
قدميك، ارم ببصرك أقصى القوم و غضّ بصرك، و اعلم أنّ النصر من عند اللّه[1]، ثمّ صبر
سويعة، فصاح الناس من كلّ جانب من وقع النبال.
و روي أنّ أمير المؤمنين
عليه السلام لمّا دفع الراية إلى ابنه محمد يوم الجمل و قال: تزول الجبال و لا
تزول- الكلام المتقدّم-، ثمّ قال: احمل، فتوقّف محمد قليلا، فقال أمير المؤمنين:
احمل.
فقال: يا أمير المؤمنين،
أ ما ترى السهام كأنّها شابيب المطر؟
فدفع أمير المؤمنين في
صدره و قال: أدركك عرق من امّك، ثمّ أخذ عليه السلام الراية منه و هزّها و أنشد
الأبيات المتقدّمة، ثمّ حمل عليه السلام، و حمل الناس خلفه، ففرّق عسكر البصرة كما
تتفرّق الغنم من سطوة الذئب، ثمّ رجع
[1] نهج البلاغة: 55 خطبة رقم 11، عنه البحار: 32/
195 ح 144، و ج 100/ 39 ح 41.