رأسي في حجرك، فقد جاء أمر اللّه، فإذا فاضت نفسي فتناولها
بيدك، و امسح بها وجهك، ثمّ وجّهني إلى القبلة، و تولّ أمري، و صلّ عليّ أوّل
الناس، و لا تفارقني حتى تواريني في رمسي، و استعن باللّه سبحانه.
فأخذ عليّ برأسه، و وضعه
في حجره، فاغمي عليه، فبكت فاطمة، فأومأ إليها بالدنوّ منه، فأسرّ إليها شيئا
فضحكت و تهلّل وجهها.
فسئلت عن ذلك، فقالت:
أعلمني أنّي أوّل أهل بيته لحوقا به.
[قبض النبيّ صلّى
اللّه عليه و آله و يد أمير المؤمنين عليه السلام تحت حنكه، و ما قاله أمير
المؤمنين عليه السلام في هذا المعنى]
ثمّ قضى صلّى اللّه عليه
و آله و يد أمير المؤمنين عليه السلام تحت حنكه، ففاضت نفسه صلّى اللّه عليه و
آله، فرفعها أمير المؤمنين إلى وجهه فمسحه بها، ثمّ مدّ عليه إزاره، و استقبل
بالنظر في أمره[1].
و ممّا قال أمير
المؤمنين صلوات اللّه عليه في نهج البلاغة في هذا المعنى:
و قد علم المستحفظون من
أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة
قطّ، و لقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص[2] فيها الأبطال، و تتأخّر الأقدام،
نجدة[3] أكرمني
اللّه بها.
و لقد قبض رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و إنّ رأسه لعلى صدري، و قد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها
على وجهي، و لقد ولّيت غسله صلّى اللّه عليه و آله و الملائكة أعواني، فضجّت الدار
و الأفنية؛ ملأ يهبط، و ملأ يعرج، و ما فارقت سمعي هينمة[4] منهم، يصلّون عليه حتى واريناه في
ضريحه، فمن ذا أحقّ به منّي حيّا و ميّتا؟ فانفذوا على بصائركم، و لتصدق نيّاتكم
في جهاد
[1] مناقب ابن شهرآشوب: 1/ 237، عنه البحار: 22/
521- 522.