و الصباة معه؟ اجتمعوا على حربكم، ثمّ نفر الناس من منى و فشى
الخبر، فخرجوا في الطلب، فأدركوا سعد بن عبّادة و المنذر بن عمرو، فأمّا المنذر
فأعجز القوم، و أمّا سعد فأخذوه، و ربطوه بنسع رحله، و أدخلوه مكّة يضربونه، فبلغ
خبره جبير بن مطعم و الحارث بن حرب بن اميّة فأتياه و خلّصاه.
[في أمر رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله أصحابه بالهجرة من مكّة إلى المدينة و اجتماع دار الندوة]
و كان النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله في ذلك الوقت لم يؤمر إلّا بالدعاء و الصبر على الأذى، و الصفح عن
الجاهل، فطالت قريش على المسلمين، فلمّا كثر عتوّهم أمر صلّى اللّه عليه و آله
بالهجرة، فقال صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه المؤمنين: إنّ اللّه قد جعل لكم دارا
و إخوانا تأمنون بها، فخرجوا أرسالا[1] يتسلّلون
تحت الليل، حتى لم يبق مع النبي إلّا عليّ عليه السلام، مع جماعة يسيرة من أصحابه،
فحذرت قريش خروجه، و علموا أنّه قد أجمع على حربهم، فاجتمعوا في دار الندوة و هي
دار قصيّ بن كلاب يتشاورون في أمره، فتمثّل لهم إبليس في صورة شيخ من أهل نجد،
فقال: أنا ذو رأي حضرت لموازرتكم.
فقال عروة بن هشام:
نتربّص به ريب المنون، و قال أبو البختريّ:
أخرجوه عنكم تستريحوا من
أذاه.
و قال العاص بن وائل و
اميّة و ابيّ ابنا خلف: نبني له علما[2] نستودعه
فيه، فلا يخلص إليه[3] من الصباة
أحد.
[1] قال المجلسي رحمه اللّه: الأرسال- بالفتح-:
جمع الرسل- بالتحريك- و هو القطيع من كلّ شيء، أي زمرا زمرا. و يحتمل الإرسال-
بالكسر-: و هو الرفق و التؤدة.