و لمّا ائتمرت قريش أن
يفتنوا المؤمنين عن دينهم، فوثبت كلّ قبيلة على من فيها من المسلمين، يؤذونهم و
يعذّبونهم، فافتتن من افتتن، و عصم اللّه سبحانه منهم من شاء، و حمى[2] اللّه نبيّه
بعمّه أبي طالب رضي اللّه عنه، فلمّا رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما
بأصحابه، و لم يقدر على منعهم، و لم يؤمر بعد بالجهاد، أمرهم بالخروج إلى أرض
الحبشة، و قال: إنّ بها ملكا صالحا، لا يظلم و لا يظلم عنده أحد، فاخرجوا إليه حتى
يجعل اللّه عزّ و جلّ للمسلمين فرجا، و أراد به النجاشي، و اسمه أصحمة، و هو
بالحبشيّة عطيّة، و إنّما النجاشي اسم الملك، كقولهم تبع، و كسرى[3]، و قيصر.
فخرج إليها سرّا أحد عشر
رجلا، و أربع نسوة، و هم: الزبير بن العوّام، و عبد اللّه بن مسعود، و عبد الرحمن
بن عوف، و أبو حذيفة بن عتبة، و امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو، و مصعب بن عمير، و
أبو سلمة بن عبد الأسد، و امرأته سلمة بنت أبي اميّة، و عثمان بن مظعون، و عامر بن
ربيعة، و امرأته ليلى بنت أبي خيثمة، و حاطب بن عمرو، و سهيل[4] بن بيضاء، فخرجوا إلى البحر، و أخذوا
سفينة إلى برّ[5] الحبشة بنصف
دينار، و ذلك في رجب، في السنة الخامسة من
[1] التفسير المنسوب إلى الامام العسكري عليه
السلام: 294- 296، عنه البحار: 17/ 342، و تفسير البرهان: 1/ 115 ح 1. و أورده في
الاحتجاج: 1/ 38، و مناقب ابن شهرآشوب: 1/ 68. و أخرجه في البحار: 19/ 265 ح 6 عن
تفسير العسكري و الاحتجاج.