و كذلك كان روح اللّه و
كلمته المسيح بن مريم، كان عليه السلام كما وصفه أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين
بقوله: كان يلبس الخشن، و يأكل الجشب[1]،
و كان إدامه الجوع[2]، و سراجه
بالليل القمر، و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و مغاربها، و لم يكن له ولد يحزنه، و
لا زوجة تفتنه، دابّته[3] رجلاه، و
خادمه يداه[4].
و عن سلمان الفارسي رضي
اللّه عنه قال: و اللّه ما تبع عيسى شيئا من المساوئ قطّ، و لا انتهر يتيما[5] قطّ، و لا
قهقه ضاحكا قطّ، و لا ذبّ ذبابا عن وجهه، و لا أخذ على أنفه من شيء نتن قطّ[6]، و لا عبث
قطّ[7].
و روي أنّه عليه السلام
مرّ برهط، فقال بعضهم لبعض: قد جاءكم الساحر ابن الساحرة، و الفاعل ابن الفاعلة،
فقذفوه بامّه، فسمع ذلك عيسى عليه السلام، فقال: اللّهمّ أنت ربّي خلقتني و لم
آتهم من تلقاء نفسي، اللّهمّ العن من سبّني، و سبّ امّي، فاستجاب اللّه له دعوته،
فمسخهم خنازير.
[1] كذا في النهج، و في الأصل: الحشيش- و هو
تصحيف-.
طعام جشب و مجشوب: أي غليظ خشن. و
قيل: هو الّذي لا أدم له.« لسان العرب: 1/ 265- جشب-».
[2] قال المجلسي رحمه اللّه: لعلّ المعنى أنّ
الانسان إنّما يحتاج إلى الإدام لأنّه يعسر على النفس أكل الخبز خاليا عنه، فأمّا
مع الجوع الشديد فيلتذّ بالخبز و لا يطلب غيره، فهو بمنزلة الإدام، أو أنّه كان
يأكل الخبز دون الشبع، فكان الجوع مخلوطا به كالإدام.
[3] في النهج: و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و
مغاربها، و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، و لم تكن له زوجة تفتنه، و لا
ولد يحزنه، و لا مال يلفته، و لا طمع يذلّه، دابّته .....
[4] نهج البلاغة: 227 خطبة رقم 160، عنه البحار:
14/ 238 ح 16.