اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 362
وسكوته عن أثباج
قيادته العليا ، لئلا يتأثر الاسلام بشيء ، والناس قريبو العهد بالجاهلية ، فصبر
وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، يرى تراثه نهباً ، على حد تعبيره ، وما أدركنا
علياً عليهالسلام ، متمتعاً
بنعيم الدنيا ، ولا مسرفاً في ملبسه وطعامه ، بل أدركناه يلبس الخشن من الثياب ،
ويأكل الجشب من الطعام ، إن هي إلا كسيرات من خبز الشعير ، تداف في ملج أو لبن
قارض ، زهداً بالترف والعيش الرغيد ، ولو شاء لأهتدى السبيل إلى مصفى هذا العسل ،
ولباب ذلك القمح ، ونسائج الحرير ، ولكنها نفسه يروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم
الفزع الأكبر « ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع ، ولا طمع له بالقرص
» كما جاء ذلك في كتابه لأبن حنيف واليه على البصرة. ولقد رأيناه يرتعد من البرد
في رحبة الكوفة ، وعليه مدرعة إستحيا من راقعها فهي بالية متهرأة ، لئلا يرزأ
المسلمين بشيء من المال الذي جعل له الله فيه حقاً مشروعاً « إن هي إلا قطيفتي
التي جئت بها من المدينة » كما قال ذلك لابن عباس.
ولقد خبرناه في قيادته للأمة لم يضع
حجراً على حجر ، ولا لبنة فوق لبنة ، وإنما نزل ضيفاً في الكوفة على ابن أخته جعدة
بن أبي هبيرة المخزومي ، وأبى أن يسكن في قصر الأمارة ، ووصفه بأنه قصر الخِبال ،
وما داره الاثرية الموجودة اليوم جنوبي قصر الأمارة في الكوفة إلا دار ابن أخته
ليس غير.
ولقد درسناه وهو يساوي في العطاء بين
الناس ، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، لم يؤثر قرابة ، ولا ميز رحماً ،
ولا فضل أسباطاً وحفدة هو والحسن والحسين وعقيل أخوه ، وعبد الله بن جعفر زوج
عقيلة بني هاشم « زينب » ابنة أمير المؤمنين على حد سواء مع الأعرابي والمولى
والمهاجري والأنصاري.
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 362