اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 330
« أأقنع من نفسي ،
بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أكون لهم أسوة بجشوبة العيش ومكاره الدهر ».
وكان يخلو إلى نفسه آناء الليل وأطراف
النهار متهجداً مصلياً مناجياً ربه ، فما إن يؤدي ما عليه للمسلمين ، حتى يتفرغ
للعبادة تفرغاً تاماً ، وهو يقول : « إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في
جنتك ، ولكن رأيتك أهلاً للعبادة فعبدتك ».
وهكذا تكون عبادة الأحرار ، قوة قلب
وبصيرة نافذة. فإذا لاحت زبارج الدنيا خاطبها : إليك عني يا دنيا غري غيري فحبلك
قصير ».
وكانت هذه الشخصية الزاهدة يقظة متحركة
صامدة تجمع إلى الزهد القوة والإدارة فكان تدبير الجيوش ، وإدارة شؤون الأقاليم ،
وإلزام الأمراء والعمال والولاة بجوهر تعليماته الخالدة ، من أشتات مهمات الإمام
التي جمعها الله له سيرة وقيادة ، فأعذر في التبليغ ، وأحسن صروف الآراء ، وبذلك
جعل دولته نموذجاً فذاً للحكم الإسلامي الخالص الذي إتسم بالقوة والإسماح بوقت
واحد ، ونأى عن الطغيان والجبروت والأثرة ، فقد التزم الإمام عليهالسلام معايير التدبير المنظّم ، وأنس معالم
التنظير الدقيق ، كل ذلك يجيء بعد فوضى في الحكم ، وعنتٍ من السلطان ، وتباين في
الأهواء والآراء ، وطبيعي أن إمساك الأمر بروية وأناة في مثل هذه الظروف ينبعث عن
حكمه متناهية.
فمن وصية له عليهالسلام لعسكره بصفين قبل لقاء أهل الشام ينهى
فيها عن البغي ، ويمنع من قتل المدبر ، والإجهاز على الجريح ، ويأمر فيها بالتريث
في الحرب وعدم الابتداء بها ، ويلزم جنده بالتغاضي عن تهييج النساء ، وإن سببن
الأمراء أو شتمن الأعراض ، مما يعد منهجاً حربياً متميزاً ، قال :
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 330