اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 316
المتعمد بتدبير
وحكمة ومروءة ، وتداعى الناس بعضهم إلى بعض ، وسار فيهم سراتهم ، وتحدث خطباؤهم ،
وتكلم بلغاؤهم ، وقامت النجدة على قدم وساق ، وإنتفظت الحميّة دون تردد ، وتهلل
وجه الإمام فرحاً بهذا الانقلاب الجديد ، واستبشر قلبه سروراً مع هذا التغير
المفاجيء ، فهو يرى النصح في الإستجابة ، وهو يرى الإخلاص من النفير ، فالزعيم
يجتمع إلى أنصاره يحرّضهم على القتال ، والموجّه يدعو أتباعه إلى النضال ، والأخ
يدفع بأخيه إلى التضحية ، والأم تقنع ولدها بالفداء ، والأب يتابع بنيه في
الإستنهاض ، ولم يجتمع العراقيون على الإمام اجتماعهم له هذا الحين ، فالجيش
يتعاقد على المنية ، وشرطة الخميس تبايع على الموت ، والجند بغاية الأهبة
والإستعداد ، والعواطف ملتهبة ، والمشاعر متحفزّة ، وبان للإمام الوجه في هذه
الحرب ، والصدق لدى أصحابه هذه الآونة ، فأرسل زياد ابن حفصة في طليعة من أصحابه ،
وأمره أن يغير على أطراف الشام ، ووجه معقل بن قيس لتعبئة أهل السواد ، واستنجد
أهل البصرة فأنجدوه بعزيمة صادقة ، ودعا أطراف الدولة إلى الإلتحاق بالجيش ،
فتكونت للإمام عدة عظيمة في هذا الشأن ، وتهيأت له الأسباب في السلاح والكراع
والرجال ، فما هي إلا أن تحين الساعة فيزحف زحفة الصادق على الشام ، وإنه لفي هذا
السبيل إذ يأتمر الخوارج مخططين قتله ، فينتقض الأمر.
وستقرأ ذلك فيما بعد ، بعد أن تحيط
خبراً بهموم الإمام ، ومحن الإمام ، وسياسة الإمام ، وهو في هذا المناخ المتناقض
العجيب.
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 316