اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 306
على التخريب المتعمد
، فأراد أن يدخل الرعب في قلوب العراقيين ، وأن يضعف المعنويات لدى المقاتلين وقد
بلغه أن علياً عليهالسلام
يعدّ العدّة للعودة إلى صفين ؛ فاتخذ لنفسه منهجاً جديداً بتسيير قطع من جيش أهل
الشام نحو أطراف العراق ، وأمر هذه القطع بالإغارة والنهب والقتل ، وإشاعة الخوف
والرهبة في قلوب العراقيين ، وكان المتآمرون على الإمام من الداخل يوغلون بالتمادي
مستغلين ورع الإمام وسماحه ، فوقفوا موقف الإنتهازي المستفيد ، وتجلببوا بجلباب
الحاقد المنتقم ، ورأى معاوية ذلك فأمدّهم بالأموال الطائلة ، وأجزل لهم العطايا
والهبات ، ومنّى كثيراً منهم بالإمارة والولاية ، ولوّح لبعضهم بالإصهار إليه أو
منه ، فكان هؤلاء خطّاً معادياً ، له كيده وفكره ضد الإمام ، فتألّبوا عليه سراً ،
وتقاعسوا عنه جهاراً ، فكانوا إلباً على إمامهم ، وعوناً لعدوهم ، فمهّدوا لمخططات
معاوية تمهيداً ، وحسنوا له مساوءَهُ وانتهاكاته ، وزينوا له سوء عمله ، وآنسوا
لهذا الترويع المستمر لسواد العراق ، وشجّع ذلك معاوية في إرسال السرايا الصغيرة ،
وقطع الجيش المترصدة ، يقوم عليها أتباعه من ذوي الضمائر الميتة والأكباد الغليظة
، ويأمرهم فيها بالغارة المنظمة والمرتبة قتلاً ونهباً وترويعاً ، فكان له ما أراد
: خوف شامل ، واستقرار مزعزع ، وغنائم باردة ، يعز معاوية بها سلطانه ، ويضعف بها
الإمام وحكمه في الداخل. وقد تولى كبر هذه الغارات : الضحاك بن قيس ، والنعمان بن
بشير ، وابن سعدة الفزاري.
وكان أشدها وقعاً على أمير المؤمنين
غارة سفيان بن عوف الغامدي الذي تسلل إلى الأنبار فأكثر فيها الفساد ، وعاد
بالغنائم وقتل الوالي ، وفتك بالجند بين عشية وضحاها. وانتهت الأنباء إلى الإمام عليهالسلام ، فكانت اللوعة والأسى ، وكان القلق
والحزن ، وكان التأنيب لأصحابه ، وكان الحث على الجهاد ، ولكن الإمام كان يضرب
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 306