اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 295
إن سكتوا تركناهم ، وإن تكلموا حاججناهم
، وإن أحدثوا فساداً قاتلناهم ».
وكان السكوت حيناً ، والإحتجاج حيناً
آخر ، والقتال أخيراً لأنهم أفسدوا في الأرض.
ومحنة هؤلاء الذين طلبوا الحق فأخطأوه ،
أنهم لا تهدأ لهم ثائرة ، ولا تخبو لهم نائرة ، وهم أصحاب جباه سود من كثرة السجود
، وهذه محنة أخرى ، يخدع فيها الجاهل ، ويتأثم عندها العارف ، ولهم في الليل دويٌ
كدوي النحل في قراءة القرآن ، وتلك محنة ثالثة توهم بأنهم أهل عبادة ، وهم غلاظ
شداد في هذا كله ، ولقد أخطأوا السبيل إلى الهدى فساقتهم الهلكة سوقاً ، وأسلمهم
القدر إلى المصير المحتوم : القتل حيناً ، والتشريد حيناً آخر ، وأسلموا أنفسهم هم
لقطع السابلة حيناً ، وللإفساد في الأرض حيناً آخر ، ولسفك الدماء في غير حلّها
ثالثة. والإمام في هذا الوسط المحموم يعمل نهاره جاهداً ، ويسهر ليله مفكراً ،
يأسى لهؤلاء ، ويكافح أولئك ، وينصح ما استطاع نصحاً ، وهو مع ذلك يمنحهم الحرية
بأوسع مفاهيمها ، ولا يحرم أحداً عطاءً ، ولا يفرض على أحد إقامة ، ولا يكره أحداً
على قتال ، وهم بين ذلك يتربصون به.
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 295