لا جرم والله لقد قلدتهم رقبتها ،
وحملتهم أوقتها ، وشننت عليهم غارتها ، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين ،
ويحهم أنى زعزعوها عن رواسى الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح
الامين ، والطبين بامور الدنيا والدين ( أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ )[٢]
وما الذي نقموا من ابي الحسن؟ نقموا منه
والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته بحتفه ، وشدة وطاته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات
الله عزّ وجلّ ، وتاالله لو مالوا عن المحجة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجة
الواضحة ، لردهّم إليها حملهم عليها وتالله لو تكافوا عن زمام نبذه اليه رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا عتقلهم
، ولسار بهم سيراً سجحاً ، لا يكلم خشاشه ، ولايكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولا
وردهم منهلاً صافياً روياً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ، ولا يترنق جانباه ، ولا صدرهم
بطاناً ، ونصح لهم سراً وإعلاناً ، ولم يكن يتحلى من الغنى بطائل ، ولا يحضى من
الدنيا بنائل ، غير ري الناهل شبعة الكافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق
من الكاذب ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم
بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )[٣].