اسم الکتاب : الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الكعبي، علي موسى الجزء : 1 صفحة : 126
أبوه وزير المعتمد [١] ، فقد جرىٰ يوماً ذكر العلوية ـ أي
المنتسبين إلى الإمام علي عليهالسلام
ـ ومذاهبهم ، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت عليهمالسلام ـ والفضل ما شهدت به الأعداء ـ فقال : «
ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا في هَديه
وسكونه وعفافه ونبله وكبرته عند أهل بيته وبني هاشم كافة ، وتقديمهم إياه على ذوي
السنّ منهم والخطر ، وكذلك كانت حاله عند القواد والوزراء وعامة الناس ».
فأنت ترى أن له عليهالسلام امتداداً من التعظيم في مواقع المجتمع
كلّها ، سواء الذين يدينون بإمامته أو الذين يقفون ضدها ، وهو أمر يستحقّ التأمّل
، فكيف يستطيع شاب في مقتبل العمر أن يحظىٰ بالتقديم على ذوي السن والخطر ؟ وأن
يتمتع بهذه المنزلة العالية والمكانة الكبيرة عند القواد والوزراء ، وعامة الناس ،
وهو في خط مضاد لموقع الخلافة ، بل ويزدحم حوله الذين ينصبون له ولآبائه عليهمالسلام العداوة ويكنّون لهم البغضاء ؟ لقد فرض
الإمام عليهالسلام نفسه على
الواقع كلّه ، بسموّه الروحي والخلقي ، وعناصر العظمة التي يختزنها في شخصه ، ونشاطه
الحركي في أوساط الاُمّة.
ويتابع ابن خاقان حديثه فيقول : « فأذكر
أنني كنت يوماً قائماً على رأس أبي ، وهو يوم مجلسه للناس ، إذ دخل حجّابه فقالوا
: أبو محمد ابن الرضا بالباب ، فقال بصوتٍ عالٍ : ائذنوا له ، فتعجّبت ممّا سمعت
منهم ، ومن جسارتهم
[١] وهو عبيد الله بن
يحيى بن خاقان التركي ، ولد سنة ٢٠٩ ه ، واستوزره المتوكل والمعتمد ، واستمر في
الوزارة إلى أن توفّي سنة ٢٦٣ ه ، وكان عاقلاً سمحاً جواداً حازماً. سير أعلام النبلاء
١٣ : ٩ / ٥ ، أعلام الزركلي ٤ : ١٩٨.
اسم الکتاب : الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الكعبي، علي موسى الجزء : 1 صفحة : 126