اسم الکتاب : كليات في علم الرجال المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 23
يقدر المستنبط على
تشخيص الثّقة عن غيره ، والصالح للاستدلال عن غير الصالح ، إلى غير ذلك من الأمور
التي لا يستغني عنها المستنبط الا بالرجوع إلى الكتب المعدَّة لبيانها.
وهناك رأي ثالث يبدو أنه أقوى الآراء في
باب حجّية الخبر ، وهو أنّ الخارج عن تحت الظنون المنهيّة ، هو الخبر الموثوق
بصدوره وان لم تحرز وثاقة الراوي ، ومن المعلوم أنّ إحراز هذا الوصف للخبر ،
يتوقّف على جمع أمارات وقرائن تثبت كون الخبر ممّا يوثق بصدوره. ومن القرائن
الدالّة على كون الخبر موثوق الصدور ، هو العلم بأحوال الرواة الواقعة في اسناد
الأخبار.
وهناك قول رابع ، وهو كون الخارج عن تحت
الظّنون التي نهي عن العلم بها عبارة عن قول الثّقة المفيد للاطمئنان الّذي يعتمد
على مثله العقلاء في أُمورهم ومعاشهم ، ولا شبهة أنَّ إحراز هذين الوصفين ـ أعني
كون الراوي ثقة والخبر مفيداً للاطمئنان ـ لا يحصل الا بملاحظة أُمور. منها الوقوف
على أحوال الرواة الواقعة في طريق الخبر ، ولأجل ذلك يمكن أن يقال : إنَّه لا
منتدح لأيّ فقيه بصير من الرجوع إلى « علم الرجال » والوقوف على أحوال الرواة
وخصوصيّاتهم ، إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع في ذلك العلم.
وانما ذهب هذا القائل إلى الجمع بين
الوصفين في الراوي والمروي ( أي وثاقة الراوي وكون المرويّ مفيداً للاطمئنان ) ،
لأنَّ كون الراوي ثقة لا يكفي في الحجيّة ، بل يحتاج مع ذلك إلى إحراز كون الخبر
مفيداً للاطمئنان ، ولا يتحقّق إلا إذا كان الراوي ضابطاً للحديث ناقلاً إيّاه حسب
ما ألقاه الإمام عليهالسلام
، وهذا لا يعرف إلا بالمراجعة إلى أحوال الراوي ، ومن المعلوم أنَّ عدم ضابطيّة
بعض الرواة مع كونهم ثقاتاً أوجد اضطراباً في الأحاديث وتعارضاً في الروايات ، حيث
حذفوا بعض الكلم والجمل الدخيلة في فهم الحديث ، اونقلوه بالمعنى من غير أن يكون
اللّفظ كافياً في إفادة مراد الإمام عليهالسلام.
اسم الکتاب : كليات في علم الرجال المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 23