اسم الکتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 54
عاشراً
: واستعمال كلمة « امرأة » بدل « زوج »
بالنسبة لامرأة نوح ولوط ، وهما زوجتان لهما ، وبالنسبة لامرأة فرعون ، وهي زوجته
دون ريب في كل من ( امرأت نوح وامرأت لوط ... )[١]
وقوله ( امرأت فرعون )[٢]
هذا الاستعمال الدقيق ذو دلالة اجتماعية رائعة ، توضحها الدكتورة عائشة عبد الرحمن
بقولها :
ونتدبر استعمال القرآن للكلمتين ،
فيهدينا إلى سر الدلالة ، كلمة زوج تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف : حكمة
وآية ، أو تشريعاً وحكماً (ومن ءاياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )[٣]
فإذا تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة ، بخيانة أو تباين في العقيدة فامرأة
لا زوج [٤].
وهذا بين بامرأتي نوح ولوط ، ففي
الخيانة الدينية التي أحدثاها انفصلت عرى الزوجية ، وعاد كل زوج منهما امرأة فحسب
، وفي امرأة فرعون تعطلت آية الزوجية بكفره وإيمانها ، فعادا حقيقتين مختلفتين ،
لا تربطهما رابطة من سكن ، ولا صلة من مودة ، فعادت زوجته امرأة.
وزيادة على ما سبق بيانه ، فإن الدلالة
الاجتماعية تكشف بعمق ما يحيط بمؤدى اللفظ من إبهام وغموض ليعود جلياً مشرقاً ،
ففي قوله تعالى :
( يأيها الناس ضرب مثل
فاستمعوا له ... )[٥]
تبدو كلمة « مثل » موهمة بأن لا مثل في العبارات التالية للمادة ، حتى قال الأخفش
: إن قيل أين المثل؟ فالجواب أنه ليس ها هنا مثل ، وإنما المعنى : يا أيها الناس
ضرب لي مثل : أي شبهت بي الأوثان فاستمعوا لهذا المثل [٦].
ولكن الدلالة الاجتماعية تؤكد وجود
المثل بمدلوله اللغوي أو بنقله