responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاهيم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 98

النشأة.

وأثبت بقوله : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْء ) [١] ، ( وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْح بِالْبَصَرِ ) [٢] وما يشابههما من الآيات ، أنّ هذا الوجود التدريجي الذي للأشياء ومنها الإنسان هو أمر من الله يفيضه على الشيء ، ويلقيه إليه بكلمة « كن » إفاضة دفعية وإلقاء غير تدريجي فلوجود هذه الأشياء وجهان :

وجه إلى الدنيا ، وحكمه أن يحصل بالخروج من القوة إلى الفعل تدريجياً ومن العدم إلى الوجود شيئاً فشيئاً ويظهر ناقصاً ثم لا يزال يتكامل حتى يفنى ويرجع إلى ربّه.

ووجه إلى الله سبحانه وهي بحسب هذا الوجه أُمور غير تدريجية ، وكل ما لها فهو لها في أوّل وجودها من غير أن تحتمل قوة تسوقها إلى الفعل.

وهذا الوجه غير الوجه السابق وإن كانا وجهين لشيء واحد وحكمه غير حكمه وإن كان تصوره التام يحتاج إلى لطف قريحة .. وقد شرحناه في الأبحاث السابقة بعض الشرح وسيجيء إن شاء الله استيفاء الكلام فيه.

ومقتضى هذه الآيات أنّ للعالم الإنساني على ماله من السعة وجوداً جمعياً عند الله سبحانه ، وهو الذي يلي جهته تعالى ويفيضه على أفراده لا يغيب فيها بعضهم عن بعض ولا يغيبون فيه عن ربهم ولا هو يغيب عنهم ، وكيف يغيب فعل عن فاعله ، أو ينقطع صنع عن صانعه ؟ وهذا هو الذي يسمّيه الله سبحانه


[١] يس : ٨٣.

[٢] القمر : ٥٠.

اسم الکتاب : مفاهيم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست