فيقول : إنّ لفظة « كن » إشارة إلى
الوجود الدفعي الجمعي للعالم [١]
خصوصاً إذا ضممنا هذا المقطع من الآية إلى الآية ٥٠ من سورة القمر ، وهي :
(ومَا
أمْرُنا إلاّ واحدةٌ كَلَمْحٍ بالبَصَر).
بتقريب أنّ وحدة الأمر لا تعني إلاّ أن
تتواجد كل الحوادث في مكان واحد دفعة واحدة دون تفرّق أو تدرّج وذلك بعد توجّه
الخطاب « كن » إليها.
وجملة « فيكون » الحاكية عن التدريجية
والتواجد التدريجي إشارة إلى الجانب التدريجي والظهور المتفرق لهذا العالم.
من هذا البيان الذي قرّرناه بتوضيح وشرح
منا نستنتج أنّ الآية المبحوثة [ أي آية أخذ الميثاق ]ناظرة إلى حالة الوجود
والحضور الجمعي الدفعي عند حضرة ذي الجلال حضوراً لا تتصور فيه غيبة ، وكأنّ كل
أبناء آدم أخذوا وجمعوا من ظهور آبائهم ، وحضروا عند الله ، وفي هذه الحالة من
الطبيعي أن يجد كل إنسان ربه ، ووجدانه لله تعالى دليل واضح على وجود الله وربوبيته.
ولكن استقرار الإنسان ضمن نطاق الزمان
وتطورات الحياة أشغله بحيث نسي نفسه وغفل عن علمه الحضوري بالله [ أي علمه بالله الناشئ
من حضوره بين يديه سبحانه ].
وإليك فيما يلي نص ما قاله العلاّمة
الطباطبائي في ميزانه :
« إنّ لكل شيء عند الله وجوداً وسيعاً
غير مقدّر في خزائنه ، وإنّما يلحقه الأقدار إذا نزله إلى الدنيا مثلاً :
فللعالم الإنساني على سعته سابق وجود
عنده تعالى في خزائنه أنزله إلى هذه