وأمّا أنّ المسؤول والمستغاث هل يقدر
على تحقيق الحاجة أو لا ؟ وإنّ الله هل أقدره على ذلك أو لا ؟ فهي أُمور خارجة عن
موضوع بحثنا الفعلي.
٣. هل طلب الأُمور الخارقة حد للشرك ؟
لا شك أنّ لكل ظاهرة ـ بحكم قانون
العلية ـ علَّة لا يمكن للمعلول أن يوجد بدونها ، فليس في الكون الفسيح كله من
ظاهرة حادثة لا ترتبط بعلة ، ومعاجز الأنبياء ، وكرامات الأولياء غير مستثناة من
هذا الحكم فهي لا تكون دون علة ، غاية الأمر أنّ علتها ليست من سنخ العلل الطبيعية
، وهو غير القول بكونها موجودة بلا علة مطلقاً.
فإذا ما تبدلت عصا موسى عليهالسلام إلى ثعبان يتحرك ويبتلع الأفاعي ، وإذا
ما عادت الروح إلى جسد ميت بال ، بإعجاز المسيح عليهالسلام
، وإذا ما انشق القمر نصفين بإعجاز خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم
، أو تكلم الحصى معه ، أو سبّح في يده ، فليس معنى ذلك إنّها لا ترتبط بعلة كسائر
الظواهر الحادثة ، بل ترتبط بعلل خاصة غير العلل الطبيعية المألوفة.
فلو استمد إنسان من انسان آخر لقضاء
حاجته عن علله الطبيعية لقد جرى على السنة المألوفة بين العقلاء ، إنّما الكلام في
الاستمداد لقضاء الحاجة عن الطرق الغيبية والعلل غير الطبيعية ، وهذا هو ما يتصور
أنّه شرك ، وفي ذلك يقول المودودي لو طلب حاجة وأمراً لتعطى له من غير المجرى
الطبيعي وخارجاً عن إطار السنن الطبيعية كان شركاً وملازماً للاعتقاد بإلوهية
الجانب الآخر المسؤول [١].