تذكر الآية الأُولى ـ بجلاء تام ـ شهادة
الله والملائكة والعلماء على وحدانية الله ، وعلينا هنا أن نعرف كيف تكون شهادة
الله على هذا الموضوع.
١. يمكن أن تحمل هذه الشهادة على
الشهادة القولية كما نشهد نحن على وحدانيته بقولنا : « لا إله إلاّ الله ».
وقد شهد الله على وحدانيته بالشهادة
اللفظية عن طريق القرآن وهو الوحي والكلام الإلهي ، ضمن الآيات التي تعرضت لبيان
هذه الوحدانية وإثباتها ، وقد أشرنا إلى بعضها ـ فيما تقدم ـ.
وجملة (قَائِمَاً
بِالقِسطِ)
إشارة إلى القسط الإلهي في القول والعمل ، ومن المعلوم أنّ قبول الشهادة فرع «
عدالة الشاهد » وصدقه فلما كان الشاهد عادلاً كانت شهادته صادقة وصحيحة.
٢. يمكن أن تكون هذه الشهادة ( المذكورة
في الآية ) شهادة عملية ، لأنّ الله بخلقه الكون الذي يسوده نظام واحد ، وتترابط
أجزاؤه ، وكأنّها موجود واحد ، وكائن فارد أثبت عملياً وحدانية الذات المدبرة لهذا
الكون ووحدانية الإرادة المنظمة ، الحاكمة على هذا العالم.
أليس لو كان يحكم إلهان أو أكثر على هذا
الكون لم يكن هذا النظم ، ولما كان لهذا التلاحم والترابط وجود ولا أثر ؟
والحق أنّ « الرأي الأوّل » أفضل وأقوم
، لانسجام هذا الرأي مع شهادة الفريقين الآخرين ، أعني : شهادة الملائكة وأُولي
العلم ، التي يناسب أن تكون شهادتهما « قولية » ، وحفظ سياق الآية يقتضي تفسير
الشهادات الثلاث بمعنى