responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي    الجزء : 1  صفحة : 96

الدقيق ، وهذه الظاهرة الأسلوبية النموذجية الى الخوض في تفصيلات الفاعل ، وتأويل صدور الفعل عنه.

تقول الدكتورة عائشة عبدالرحمن ، ونحن نوافقها في هذا العرض ، لأنه من صميم منهجنا البياني :

« وقد شغل أكثر المفسرين والبلاغيين بتأويل الفاعر ، عن الالتفات الى اضطراد هذه الظاهرة الأسلوبية في هذا الموقف ، مع وضوحها الى درجة العمد والإصرار : وسرّها البياني دقيق جليل : فاطراد إسناد الحدث الى غير محدثة ، بالبناء للمجهول ، أو الإسناد المجازي ، أو المطاوعة ، يدل على التلقائية التي يكون بها الكون كله مهيئا للحدث الخطير ، وأن الكائنات مسخرة بقوة لدلك الحدث ، فما تحتاج فيها الى امر ، ولا الى فاعل ... وفيه كذلك ، تركيز الانتباه في الحدث ذاته ، وحصر الوعي فيه ، فلا يتوزع في غيره »[١].

٣ ـ وإذا جئنا الى الاتساع اللغوي في مجاز القرآن وجدنا ظاهرة أسلوبية شامخة ، وفصل المجاز اللغوي في القرآن يؤكد هذه الظاهرة بجميع أبعادها في التجوز والاتساع والمرونة ، وفيه غنية عن الإفاضة في هذا المدرك لأنه حافل بدلائل سلامة اللفظ اللغوي ، وسيرورته في المعاني الجديدة التي لا تعامل الأصل باعتباره منسوخا أو مستغنيا عنه ، بل هو هو وهو مضاف إليه هذا الاتساع.

تأمل في هوله تعالى : ( والله محيط بالكافرين )[٢] فإنك ستجد بيسر وسهولة كلمة « محيط » غير متخلية عن المعنى الأصل ، ولكنها على الصعيد المجازي ، تحمل دلالة بارزة جديدة ، تتعدى معنى الإحاطة التقليدية ، التي اعتاد السامع إدراكها مركزيا من اللفظ ، فليست إحاطته تعالى ههنا إحاطة مكانية ، أو طلية ، أو جسمية ، كإحاطة القلادة بالجيد ، أو السوار بالمعصم ، أو الخاتم بالبنان ، وإنما هي إحاطة مجازية مطلقة عن حدود الإحاطات المتعارفة ، وبديهي أن يراد بها إحاطة ذي القوة بمن ليس له


[١] بنت الشاطىء ، التفسير البياني : ١/٨٥.

[٢] البقرة : ١٩.

اسم الکتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست