هذه دراسة تكتسب أهميتها من أهمية
موضوعها الذاتية في التشريع والتأريخ والتراث.
وموضوع هذه الدراسة يتصل بصميم القرآن
نصاً ومفهوما ، ويتعلق بجوانبه الإيحائية والتدوينية والشكلية أثراً ومعاناة
وتأريخا ، وهو يحوم حول جزئيات متناثرة ، يجمع شتاتها ، ويوجد متفرقاتها ، بعيدا
عن الفهم التقليدي حيناً ، وعن التزمت الموروث حيناً آخر ، في استيعاب القضايا
المعقدة ، وارتياد المناخ المجهول ، وسوف لا تلمس فيه للتعصب أثراً ، ولا تصطدم
بالمحاباة منهجا ، الهدف العلمي يطغى فيه على الهوى النفسي ، ليلتقي من خلال ذلك
الغرض الفني في النقد والتمحيص ، بالغرض الديني في الاستقراء والمعرفة ، لم أكن
فيه متطرفا حد الإفراط ، ولا متسامحاً حد التهاون ، بل اتخذت بين ذلك سبيلاً.
ومفردات هذه الدراسة تتناول « تأريخ
القرآن » بكل التفصيلات الدقيقة ، والأبعاد المترامية الأطراف ؛ ابتداء من ظاهرة
وحيه ، ومرورا بنزوله ، وجمعه ، وقراءاته ، وشكله ، وانتهاء بسلامته وصيانته ، فكان
أن انتظم عدة فصول هي كالآتي :
الفصل
الأول : وحي القرآن ؛ وقد تكفل بالحديث عن
ظاهرة الوحي القرآني ، ورعاية الوحي للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
شأنه بذلك شأن من تقدمه من الرسل ، وكان ميداناً لتفسير الظاهرة وتعليلها نفسياً وعلميا
وقرآنياً ، مع معالجة مجموعة التقولات والاجتهادات التي تناولت الوحي حيناً ، والكشف
والإلهام والروحية حيناً آخر ، بما ميزنا به حالة الوحي عن سواها ، وتأثيرها