اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 94
الثانية
: ( إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاء ).
[١]
والآية واردة في حقّ غير التائب ، لأنّ
الشرك مغفور بالتوبة أيضاً ، فيعود معنى الآية أنّ اللّه سبحانه يغفر ما دون الشرك
لمن يشاء وإن مات بلا توبة ، فتكون نتيجة ذلك عدم جواز الحكم القطعي بخلود مرتكب
الكبائر في النار ، ولمّا كان مفاد الآية مخالفاً لما هو المحرّر في المدرسة
الكلامية للمعتزلة حاول صاحب الكشاف تأويل الآية فقال :
الوجه أن يكون الفعل المنفي والمثبت
جميعاً موجهين بقوله تعالى : ( لمن يشاء ) كأنّه قيل : « إنّ اللّه لا يغفر لمن
يشاء الشرك ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك » على أنّ المراد بالأوّل من لم يتب
وبالثاني من تاب ، نظير قولك : إنّ الأمير لا يبذل الدينار ويبذل القنطار لمن يشاء
، تريد لا يبذل الدينار لمن لا يستأهله ويبذل القنطار لمن يستأهله. [٢]
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره خلاف ظاهر
الآية وقد ساقته إليه مدرسته الكلامية فنزّل الأوّل مورد عدم التوبة ، والثاني
موردها ، حتى تتفق الآية ومعتقده.
كما أنّه لا دلالة في الآية على تقييد
الثاني بالتوبة ، لأنّه تفكيك بين الجملتين بلا دليل ، بل هما ناظرتان إلى صورة
واحدة وهي صورة عدم اقترانهما بالتوبة فلا يغفر الشرك لعظم الذنب ويغفر ما دونه.
ومن هذا القبيل أيضاً ، تفسيره لقوله
سبحانه : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِناً مُتَعَمداً
فَجَزاؤهُ جَهَنَّم خالِداً فِيها وَغَضب اللّه عَلَيْهِ وَلَعَنهُ وَأَعَدَّ لَهُ
عَذاباً عَظيماً ).
[٣]
فقد فسره الزمخشري على ضوء مذهب
الاعتزال من خلود أصحاب الكبائر ـ