اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 54
نفس الآية الكريمة
وما اختصّ بها من القرائن اللفظية ، فعندئذ يتميّز الظاهر عن غيره فيجب الأخذ به
بلا كلام. والتجسيم والتشبيه إنّما هو في الظهور البدوي ، دون الظهور النهائي بعد
الإمعان في الآية.
وما ربما يتصوّر من أنّ أهل العدل
والتنزيه يحملون الآيات الواردة فيها الصفات الخبرية على خلاف ظواهرها ، فهو كلام
غير صحيح ، فإنّهم لا يأخذون بالظهور التصوّري أو الظهور البدوي للآيات ، وأمّا
الظهور التصديقي أو الاستقراري فيأخذونه بتمامه ، ولا يحملونها على غير ظاهرها.
ولتمييز الظهور الجزئي عن الظهور الجملي
، والتصوّري عن التصديقي نأتي بمثالين:
١. إذا قلت : رأيت أسداً في الحمام ، فلفظة
« أسد » وحدها ظاهرة في الحيوان المفترس ولكنّها بظهورها الجملي ظاهرة في الرجل
الشجاع ؛ فلو قيل : إنّ الجملة حملت على خلاف ظاهرها ، فإنّما يصحّ بالنسبة إلى
ظهور جزء من الكلام ، أعني : الأسد دون المجموع ، فاللازم للأخذ هو الظهور الجملي
لا الجزئي.
٢. إذا قلت : زيد كثير الرماد ، فالظهور
البدوي انّ بيت زيد غير نظيف ولكنّه ظهور بدوي ، فإذا لوحظ انّ الكلام ورد في مقام
المدح يكون قرينة على أنّ المراد لازم المعنى وهو الجود ؛ فلو قيل بأنّ الكلام حمل
على خلاف ظاهره ، فإنّما هو بحسب ظهوره البدوي لا الاستقراري ، فالذي يجب الأخذ به
هو الظهور الجملي لا الحرفي ، والظهور المستقر لا البدوي.
وعلى ذلك فحمل الجملة الأُولى على
الحيوان المفترس والثانية على الجود أخذ بالظاهر وليس فيه شائبة تأويل ، ومن يرمي
هذه التفاسير بالتأويل فهو لا يفرق بين الظهورين : البدوي والاستقراري.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ الآيات
الحاكية عن الصفات الخبرية إذا
اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 54