responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 245

وكلّ يوم هو في شأن ، ومن شُعَبِ ذلك الأمر هو انّه سبحانه يزيد في الرزق والعمر وينقص منهما ، وينزل الرحمة والبركة كما ينزل البلاء والنقمة ، لا جزافاًً واعتباطاً ، بل حسب ما يقتضيه حال العباد من حسن الأفعال وقبحها وصالح الأعمال وطالحها ، فربما يكون الإنسان مكتوباً في الأشقياء ثمّ يُمحى فيكتب في السعداء ، أو على العكس ، وما هذا إلاّ لما يقوم به من أعمال جديدة وإليه يشير اللّه سبحانه : ( يَمْحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتاب ) [١] ، فاللّه سبحانه كما يمحو ويثبت في التكوين فيحيي ويميت ، كذلك يمحو مصير العبد ويغيّره حسب ما يغيّر العبد بنفسه فعله وعمله ، قال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَوم حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ). [٢]

هذا هو البداء في مقام الثبوت ، وأمّا البداء في مقام الإثبات ، فربما يتصل النبي بلوح المحو والإثبات فيقف على المقتضي من دون أن يقف على شرطه أو مانعه ، فيخبر عن وقوع شيء ولكن ربما لا يتحقّق ، لأجل عدم تحقّق شرطه أو تحقّق مانعه ، وذلك هو البداء في عالم الإثبات.

وفي القرآن الكريم تلميحات للبداء بهذا المعنى ، نذكر منها مورداً واحداً.

أنذر يونس قومه بأنّهم إن لم يؤمنوا سوف يصيبهم العذاب إلى ثلاثة أيّام. [٣]

وما كان قوله تخرّصاً أو تخويفاً ، بل كان يخبر عن حقيقة يعلم بها ، إلاّ أنّ هذا الأمر لم يقع ، وما ذلك إلاّ لأنّه وقف على المقتضي ولم يقف على المانع ، وهو انّ القوم سيتوبون قبل رؤية العذاب توبة صادقة يعلمها اللّه تعالى لا خوفاً من العذاب فيرفع عنهم العذاب الذي وُعدوا به ، كما يشير إليه قوله سبحانه : ( فَلَولا


[١] الرعد : ٣٩.

[٢] الرعد : ١١.

[٣] مجمع البيان : ٣ / ١٣٥.

اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست