اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 199
للأُمويّين ولا
للعباسيين تلك القدرة القاهرة ، لأنّ انتشار القرآن بين القرّاء والحفّاظ ، وانتشار
نسخه على صعيد هائل قد جعل هذه الأُمنية الخبيثة في عداد المحال.
إنّ للسيد الشريف المرتضى بياناً في
المقام نأتي بنصِّه ، يقول : إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث
الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية
اشتدت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه ( غيره ) فيما
ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ،
وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفُوا كلّ شيء اختلف فيه
من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّـراً ومنقوصاً مع
العناية الصادقة والضبط الشديد؟!
قال : والعلم بتفسير القرآن وأبعاضه في
صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب
سيبويه والمُزَني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من
جملتهما ، ومعلوم أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه
ودواوين الشعراء. [١]
وهناك نكتة أُخرى جديرة بالإشارة ، وهي
إنّ تطرّق التحريف إلى المصحف الشريف يعدُّ من أفظع الجرائم التي لا يصحّ السكوت
عنها ، فكيف سكت الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
وخاصّته نظير سلمان و المقداد وأبي ذر وغيرهم مع انّا نرى أنّ الإمام وريحانة
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اعترضا
على غصب فدك مع أنّه لا يبلغ عُشْرَ ما
[١] مجمع البيان : ١
/ ١٥ ، قسم الفن الخامس ، طبعة صيدا.
اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 199