اسم الکتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 122
ولقد كنت على حداثة سنّي أسمع تفسير
القرآن من مشايخي سماعاً مجرداً حتى وُفقْتُ ، فعلّقته على أُستاذي ناصر السنّة
أبي القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري ( رضي اللّه عنهما ) تلقفاً ( كذا ).
ثمّ أطلعتني مطالعات كلمات شريفة عن أهل
البيت وأوليائهم ( رضي اللّه عنهم ) على أسرار دفينة وأُصول متينة في علم القرآن ،
وناداني من هو في شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة الطيبة ( يا
أَيُّها الَّذينَ آمنوا اتَّقُوا اللّه وَكُونُوا مَعَ الصّادِقين )[١]
فطلبت الصادقين طلبَ العاشقين ، فوجدت عبداً من عباد اللّه الصالحين كما طلب موسى عليهالسلام مع فتاه ( فَوَجَدا عَبْداً
مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا
عِلْماً )[٢] فتعلّمت منه
مناهج الخلق والأمر ، ومدارج التضاد والترتيب ، ووجهي العموم والخصوص ، وحكمي
المفروغ والمستأنف ، فشبعت من هذا المِعَا الواحد ، دون الامعاء التي هي مآكل
الضُّلاّل ومداخل الجُهّال ، وارتويت من شرب التسليم بكأس ، كان مزاجه من تسنيم
فاهتديت إلى لسان القرآن : نظمه ، وترتيبه ، وبلاغته وجزالته ، وفصاحته ، وبراعته.
ثمّ إنّه بعد ما يشير إلى أنّ القرآن
بحر لا يدرك غوره ، ولا يدرك ساحله ، والسباحة في هذا البحر كان مقروناً بالخطر ،
يقول : فوجدت الحبر العالم فاتّبعته على أن يعلِّمني ممّا عُلّم رُشداً ، وآنست
ناراً ، فوجدت على النار هدى فنقلت القراءة والنحو واللغة ، والتفسير ، والمعاني
من أصحابها على ما أوردوه في الكتب نقلاً صحيحاً ، من غير تصرّف فيها بزيادة أو
نقصان ، سوى تفسير مجمل ، أو تقصير مطوّل ، وعقّبتُ كل آية بما سمعت فيها من
الأسرار ، وتوسمتها من إشارات الأبرار ، ولقد مرّ على الخوض فيها فصول في علم
القرآن هي مفاتيح العرفان ، وقد