responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشيخ الطوسي مفسراً المؤلف : خضير جعفر    الجزء : 1  صفحة : 56

الاعتزال وسوءِ المذهب.

ثم أعقب ذلك تفاقم الأوضاع وسوء الحالة ، حينما تضاعفت حالة الاضطهاد المذهبي ، واشتدّت في خراسان خاصّةً بعد وصول الدعوة الإسماعيليّة المصريّة إليها [١] ، الأمرالذي أدى بالشيخ الطوسي كما أدى بغيره من العلماء وطلاب العلوم من غيرِ أبناء المذهب السني لأن يهربوا من جحيم الاضطهاد إلى بلد آخر ، فكانت بغداد محط الرحال لهم ، والتي لم تكن هي أيضاً بمنجى عن آثار هذه السياسة الجائرة ، وإن كانت أحسن حالاً من غيرها بسبب وجود البويهيين على رأس الحكم فيها.

ولعل تاريخ الاضطهاد الفكري في العصر العباسي يعود إلى ماقبل وصول الشيخ ‌الطوسي إلى بغداد بكثيرٍ ، حيث كان السبب في هذا الاضطهاد هو الصراع الفكري القائم بين المدارس الكلاميّة والفقهيّة ، والتي يشكل الخلاف الحاد بين أصحاب النزعة السلفيّة والنزعة العقليّة أهم مظاهره ، مما أثار غـضب السلطة العباسية أيام المتوكّل على الله ( ٢٣٢. ٢٤٧ ه‌ ) ، والذي كان منحازاً وبشكل متطرفٍ إلى المدرسة السلفية ، تلك المدرسة التي أخذت تضطهد الفئات المخالفة لها كالمعتزلة والشيعة ، وكل من يحاول التوفيق بين أحكام العقل وأحكام الشرع [٢] ، وبانحياز الخليفة لهذا الإتجاه يكون السلفيون قد زادوا من نفوذهم ، وصاروا يُلَوِّحون بعصا التهديد لمن خالفهم ، حتى صاروا « حكومةً داخل حكومةٍ »[٣].

وقد تدخّلوا في شؤون الناس الخاصة ، مما سبب الاستياء العام بعد أن عجزت السلطة عن ردعهم ، الأمر الذي شجع الاُمراء على الخروج عن أوامر السلطة المركزيّة ، فاعلنوا استقلالهم ، مما أثار غـضب الخليفة المستكفي باللّه ( ٣٣٣. ٣٣٤ ه‌ ) على الأتراك الذين كانوا يتولون اُمور البلاد ، وضبط الأمن فيها ، واضطر عندها للاستنجاد بالبويهيين ليتسلّموا


[١] مصطفى جواد ، مقالة في مجلة المجمع العلمي العراقي ، مج ٤ ، ج ٢ ، ص ٥١٢.

[٢] المسعودي ، مروج الذهب ، ج ٤ ، ص ٨٦.

[٣] أحمد أمين ، ضحى الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٠٠.

اسم الکتاب : الشيخ الطوسي مفسراً المؤلف : خضير جعفر    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست