ثمّ ألّف الشيخ الطوسي بعد ذلك المصباح
الكبير وكان المقصود من هذا الكتاب مجرد العمل
وذكر الأدعية [٢].
وقد أكثر الشيخ الطوسي من التأليف في
هذه الفترة ، حيث كتب المبسوط
في الفقه ، وهومن أهمّ الكتب الفقهية ، اذ اشتمل على ثمانين كتاباً ، فيه فروع
الفقه كلّها [٣]
، ويعتبركتاب المبسوط تحولاً كبيراً في هذا المجال ، يشبه التحوّل الذي أحدثه كتاب
العدّة
في مجال الأُصول ، حيث كان الشيخ قد بلغ قمة النضوج الفكرى ، فكان مجتهداً في آرائه
التي طرحها في كتابه الجديد ، ومن ذلك استدلاله بالأدلّة العقلية والبراهين
القطعية وتجدد الرأي في المجتهدين [٤]
، وبذلك يكون الشيخ الطوسي قد قفزةً كبيرةً في هذا المضمار ، بعد أن كان كتابه النهاية
لايعدو كونه محاولة لتجميع الروايات الفقهية ، فلنستمع إليه وهو يقول :
وكنتُ عملتُ على قديم الوقت كتاب النهاية ، وذكرت فيه جميع ما رواه أصحابنا في مصنفاتهم من
المسائل ، وفرقوه في كتبهم ، ورتبته ترتيب الفقه [٥].
ويظهر من خلال النقلة التى أوجدها كتاب المبسوط
أنّ شيخنا الطوسي كان صاحب مدرسة فقهية استطاعت أنّ تسهم في دفع الفقه الإمامي إلى
الأمام وتطويره ، حيث العمق والأصالة والاتّساع ، ويعتبر كتاب المبسوط
آخر كتب الفقه التي ألفّها الشيخ الطوسي ، وبهذا يشير ابن ادريس حين يقول :
وهذا الكتاب آخر ماصنّفه شيخنا أبو
جعفر في الفقه ، فإنّه بعد النهاية
والتهذيب
والاستبصاروالجمل
والعقود ومسائل الخلاف[٦].