اسم الکتاب : الشيخ الطوسي مفسراً المؤلف : خضير جعفر الجزء : 1 صفحة : 283
كما ويعتقد
الإماميّة بوجوب عصمة [١]
الانبياء عليهمالسلام ، ويستدلون
على وجوبها بقولهم :
لوجاز ان يفعل النبي المعصية ، او
يخطا وينسى ، وصدر منه شيء من هذا القبيل فاما ان يجب اتباعه في فعله الصادر منه
عصياناً او خطاءً ، او لايجب ، فان وجب اتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من
الله تعالى ، بل اوجبنا ذلك ، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل ، وان لم يجب
اتباعه ، فذلك ينافي النبوة التي لابد ان تقترن بوجوب الطاعة ابدا ، على ان كل
شيء يقع منه من فعل او قول فنحن نحتمل فيه المعصية او الخطا ، فلايجب اتباعه في
شيء من الاشياء ، فتذهب فائدة البعثة ، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامه
ولا لعمله تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائماً ، كما لاتبقى طاعة حتمية
لاوامره ولاثقةٌ مطلقةٌ باقواله وافعاله. [٢]
ويذهب الإماميّة إلى اكثر من ذلك ، حيث
يعتقدون بعصمة الانبياء حتى قبل بعثتهم ، والى هذا المعنى يشير السيد المرتضى مبيّناً
وجه الخلاف بين الإماميّة وغيرهم من المذاهب الإسلاميّة في هذا المجال فيقول :
اختلف الناس في الانبياء عليهمالسلام ، فقالت الشيعة الإماميّة : لايجوز
عليهم شيءٌ من المعاصي والذنوب كبيراً وصغيراً لاقبل النبوة ولابعدها ، بينما
جوز اصحاب الحديث والحشوية على الانبياء الكبائر قبل النبوة ، ومنهم جوزها في
حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق باداء الشريعة ، ومنعت المعتزلة من وقوع
الكبائر والصغائر المستخفة من الانبياء عليهمالسلام : قبل النبوة وفي حالها ، وجوزت في الحالين وقوع
مالايستخف من الصغائر [٣].
وقد دافع الشيخ الطوسي في تفسيره عن
عصمة الانبياء جميعاً دون استثناء ففي تفسيره قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ
لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا )[٤] ذكر
احتمالات اربعةً كان قد اوردها المفسرون للمراد من الذنب الذي ذكرته الآية الكريمة
، ثم جاء عليها لينسفها جميعاً دفاعاً عن الانبياء وايماناً منه بعصمتهم ، فقال
[١] العصمة في التنزه
عن الذنوب والمعاصي صغائرها. وكبائرها راجع عقائد الإماميّة
للمظفر ، ص ٥٤.