لزم فوات ذلك الجزء , وإن كان واجباً من جهة حرمة لبث الجنب في المسجد. وإن بقي لم يمكن أن يتقرب بلبثه , لأنه حرام. فتأمل جيداً.
[١] لأنه غصب , كما يستفاد من مرسل محمد بن إسماعيل عن أبي عبد الله (ع) : « قلت له : نكون بمكة , أو بالمدينة , أو الحيرة , أو المواضع التي يرجى فيها الفضل , فربما خرج الرجل يتوضأ , فيجيء آخر فيصير مكانه. قال (ع) : من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته » [١] وخبر طلحة بن زيد : « قال أمير المؤمنين (ع) : سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل » [٢].
ويمكن أن يستشكل فيه أولا : من جهة ضعف الأول بالإرسال , والثاني بطلحة. وثانياً : بأن الظاهر من الأحقية في المقام ـ بقرينة صيغة التفضيل ـ مجرد الأولوية , لا خصوصية في المكان , كما في سائر موارد الحقوق , بحيث يكون السابق يملك التصرف فيما سبق اليه , والمزاحم له فيه غاصب له في ذلك. وثالثاً : بأن الاعتكاف عبارة عن مجرد الكون في المسجد ولو بلا قرار , فلا يتحد مع القرار , كي يحرم بحرمته , وغصب المكان إنما يحرم القرار لا غير.
اللهم إلا أن يدفع الأخير : بأن الأحقية على تقدير ثبوتها تقتضي لمنع عن التصرف في الفضاء الذي ينتفع فيه السابق , لأنه موضوع للسبق , كالأرض , فيكون الكون الخارجي من اللاحق حراماً , ولا يختص بالأرض. ويدفع ما قبله : بأن التفضيل يستعمل كثيراً مع عدم الاشتراك في المبدأ.
[١] الوسائل باب : ٥٦ من أبواب أحكام المساجد حديث : ١.
[٢] الوسائل باب : ٥٦ من أبواب أحكام المساجد حديث : ٢.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 8 صفحة : 574