جاهلا بالتعيين والآخر عالما به ـ فيجب الاحتياط حينئذ , والاجتناب عن جميع الأطراف , لرجوع شهادة الثاني إلى تعيين ما يشهد به الأول مع موافقته في الشهادة به , فقد تحقق قيام البينة على الواحد المردد ولم يثبت تعيينه. وان كانتا حاكيتين عن واقعتين ـ بأن شهد أحدهما بأنه وقع من دم رعافه قطرة في إناء معين من دون علم الشاهد الآخر بذلك , بل هو يشهد بأنه وقع من دم رعاف نفسه قطرة في أحد الإناءين المردد عنده بينهما , والشاهد الأول لا يعلم بهذه الواقعة ـ فلا يجب الاحتياط , لعدم قيام حجة على واقعة من إحدى الواقعتين.
[١] كأن وجهه : أن لازم شهادة الثاني نجاسته فعلا بالاستصحاب ومؤدى شهادة الأول نجاسته واقعاً فعلا , فيكون مجموع الشهادتين حاكيا عن أحد الأمرين من النجاسة الفعلية الواقعية والظاهرية , واللازم المشترك بينهما وجوب الاجتناب. هذا إذا لم يعلم ببقاء نجاسته فعلا على تقدير ثبوت نجاسته سابقاً , وإلا كان لازم شهادة الثاني نجاسته فعلا , فتكون النجاسة في الحال مشهوداً بها لهما , لأحدهما بالمطابقة , وللآخر بالالتزام.
وفيه : أن شهادة كل من الشاهدين لما كانت حاكية عن واقعة لا تحكيها شهادة الآخر لم تكن كل من الواقعتين محكية بالبينة , بل كانت محكية بخبر الواحد , فلم تقم عليها حجة. نعم لو كانت كل من الشهادتين منحلة إلى الشهادة بأمرين , بأن اتفقا على نجاسة الإناء واختلفا في تعيين الزمان , فأحدهما يشهد بأنها في الزمان السابق , والآخر بأنها في الزمان الحالي , فقد علم تعبداً بنجاسة الإناء سابقاً أو فعلا , وحينئذ يجري الاستصحاب في إثباته فعلا. وإن كان
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 459