اسم الکتاب : بحوث في الفقه المعاصر المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 2 صفحة : 460
والجواب
: اختلف العلماء في ذلك :
فقد ذهب بعضهم الى أن عدم ابتلاء الصوم
بالمزاحم الأهم هو من شرائط الصحة كعدم المرض والسفر ، ومعنى ذلك إنكار جريان
الترتب [1].
وعلى هذا يحكم ببطلان الصوم لو ترك
المكلف الأهم وصام ، لأنّه لا أمر بالصوم فلا يحرز الملاك والمصلحة فيكون الصوم
باطلاً ، ولا نحتاج الى دعوى اقتضاء الأمر النهي عن ضده.
ولكن بناءً على التحقيق : ( المختار في
الاُصول ) « من صحة الترتب وامكانه بل لزومه ووقوعه وأنّ تصوّره مساوق لتصديقه ...
فلا مناص من الحكم بالصحة بمقتضى القاعدة » [2].
وبناءً على هذا التحقيق فلابدّ من القول
بأنّ وجوب الصوم مشروط بعدم المزاحمة للأهم ، وليست الصحة مشروطة بذلك.
ما لا يبيح الإفطار
من الأمراض ممّا لا يتأثر بالصوم أو يخفّ به :
قلنا فيما تقدّم : إنّ النسبة بين الضرر
من الصوم والمرض هي عموم من وجه ، فقد يحصل الضرر من الصوم ولا مرض في البين ، كما
في الصوم الذي يؤثر على ضعف العين في المستقبل مع عدم اتصاف المكلف بالمرض ، وقد يحصل
المرض ولا ضرر في الصوم ، كما في الأمراض التي تحتاج الى إمساك عن الطعام
[1] الترتّب : قاعدة
تقول : إنّ المزاحمة بين خطاب صلِّ وخطاب احفظ الوديعة ـ مثلاً ـ إذا لم يكن الجمع
بينهما هي بين الاطلاقين لا بين ذاتي الخطابين ، وعليه فلا مانع من تعلق الأمر
بأحدهما ( وهو الأهم ) مطلقاً وتعلق الأمر بالآخر ( وهو المهم ) على تقدير عصيان
الأمر بالأهم ، وحينئذ يكون الساقط هو اطلاق الأمر بالمهم ( وهو الصوم في مثالنا )
أمّا أصل الأمر بالصوم فهو باق على حاله ، والمعجِّز ليس هو نفس الأمر بالأهم ، بل
امتثاله ، فما لم يمتثل الأهم لا يكون عاجزاً عن المهم وحينئذ يكون أمره باقياً.
[2] راجع المستند في
شرح العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج 1 ، ص 46[2] 463.
اسم الکتاب : بحوث في الفقه المعاصر المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 2 صفحة : 460