ثمّ إنّ هذا المنع للحقن بالمائع هل
معناه وجود الحرمة التكليفية للصائم إذا أوجدها من دون عذر ، وعدم الحرمة إذا كانت
بعذر ، أو أنّها تبطل الصوم أيضاً ؟
أقول
: اختلف الفقهاء على قولين ، ولكنّ
الصحيح هو القول الثاني ؛ وذلك لظهور النهي الوارد في باب المركبات الارتباطية في
الارشاد الى المانعية ( كما أنَّ الأمر في المركبات ظاهر في الارشاد الى الجزئية
أو الشرطية ) فإنّ النهي الذي هو ظاهر في الحرمة ينقلب في باب المركبات الى ظهور
ثانوي وهو البطلان والفساد نظير النهي عن لبس جلد ما لا يؤكل لحمه في الصلاة [3].
وعلى هذا فلا فرق في مفطرية الحقنة بين
الاختيار والاضطرار لمعالجة مرض ، لاطلاق الدليل ، بل الظاهر من النصّ هو الثاني
كما لا يخفى.
وبهذا يعرف حكم ما لو احتقن المريض عن
طريق الإحليل ، فانه لا يضرّ بالصوم.
وكذا لا يضرّ بالصوم ادخال الطبيب يده
للفحص أو لتنظيف الرحم وما شابه ذلك ، سواء كان ذلك مصاحباً لمائع أم لا ، لعدم
صدق الاحتقان الذي يبطل الصوم.
[1] وسائل الشيعة : ج
7 ، ب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح 2. وهذا الحديث له سند آخر ينقله الشيخ
الطوسي 1 تكون عبارته
أصرح في جواز الجامد إذ قال بدل « اللطف » التلطف من الاشياف.
[2] ذهب الأطباء المختصون
( الدكتور محمد علي البار والدكتور حسّان شمسي پاشا ) : الى « أن حقن السوائل الى
داخل الامعاء حيث يتم الامتصاص يؤدّي الى الافطار وافساد الصوم » هذا القول ليس
مبنياً على ما ذكرناه من الأدلّة الشرعية ، بل انهما يرون أن الجوف هو من الحلق
الى الشرج وهذا ماء دخل الجوف فيكون مفطراً.
[3] على أن قوله 7 في صحيحة ابن أبي نصر : « الصائم لا
يجوز له أن يحتقن » ولا يحتمل فيه حرمة الاحتقان في الصوم المندوب ، لجواز أن
يبطله الإنسان بالأكل وغيره من المفطرات إذن لا مناص من دلالة عدم الجواز في
الصحيحة على البطلان دون الحرمة التكليفية.
اسم الکتاب : بحوث في الفقه المعاصر المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 2 صفحة : 437