اسم الکتاب : بحوث في الفقه المعاصر المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 2 صفحة : 416
حرمة قتل الانسان
الذي يصدق على ما في البطن بعد ولوج الروح ، وخصوص الروايات الدالة على وجوب دية
الجنين على مَن أسقط جنيناً في بدايات وجوده ( ولو بعد العلوق ) ، ولما ورد من أن
« أول ما يُخلق نطفة » [1].
أمّا حرمة إسقاطه اذا تعلّقت به الروح (
اي بعد مائة وعشرين يوماً ) فقد أجمع عليها علماء الاسلام ، إضافةً الى نصّ القرآن
القائل : ( ... ومن قتل نفساً بغير
نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً
... ).
وأمّا حرمة إسقاط الجنين قبل ذلك ـ أي
بمجرد العلوق ـ فقد ذهب اليه جمع من علماء الاسلام ، مثل الإمام الغزالي حيث قال :
« ... لأنّ الوجود له مراتب : أولها أنْ تقع النطفة في الرحم وتستعد لقبول الحياة ،
فإفساد ذلك جناية ، فاذا صارت مضغةً وعلقة ( علقةً ومضغةً ) كانت الجناية أفحش ، وإن
نفخ فيه الروح ازدادت الجناية تفاحشاً » [2]
، وذهب الى ما تقدم بعض الأحناف والمالكية.
نعم ، إذا زاحم وجودُ الجنين وجودَ
الاُم ، فعندئذ يجوز قتل الجنين ؛ للمحافظة على حياة الاُم ، سواء كان مصاباً بمرض
الايدز أو لا ، ودليله هو التزاحم بين حياة الأصل والفرع ، وبما أنّ الأصل أهمّ من
الفرع فجوّزوا قتل الجنين للمحافظة على الاُمّ.
ولكن هناك حالة اُخرى ، وهي : ما اذا لم
تتعرض حياة الاُم للخطر من وجود الجنين المصاب بالمرض ، ولكنّ الحمل في بطن الام
سيقصِّر مدة كمون المرض في المرأة ويُسرّع في قتلها فهل يجوز في هذه الحالة إسقاط
الجنين ؟
والجواب : أنّ القطع بالفرض المتقدم ليس
عملياً ، لأننا اذا أحسنّا رعاية
[1] يراجع وسائل
الشيعة : ج 19 ، باب 19 من ابواب ديات الاعضاء ، الأحاديث ، وباب 7 من قصاص النفس ،
ح 1 موثقة اسحاق بن عمار « قال قلت لأبي الحسن 7
: المرأة تخاف الحَبَل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها ؟ قال : لا. فقلت : إنّما
هو نطفة ، فقال 7
: إنّ أوّل ما يُخلق نطفة ».
[2] تحديد النسل
للسيوطي نقلاً عن القوانين الفقهية لابن جزي : ص 235.
اسم الکتاب : بحوث في الفقه المعاصر المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 2 صفحة : 416