أقول : ما يقول هؤلاء المفترون على
الشيعة عن تفسير الزجّاج لقوله تعالى : (وَلنبلُونَّكُم
حتَّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم والصّابِرِينَ)[٢]قال
: « وهو عزَّ وجل قد علم قبل خلقهم المجاهدين منهم والصابرين ، ولكنه أراد العلم
الذي يقع به الجزاء ، لأنه إنّما يجازيهم على أعمالهم.
فتأويله : حتى يعلم المجاهدين علم شهادة
، وقد علم عزَّ وجل الغيب ، ولكن الجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة » [٣].
ولا يخفى على من له أدنى فَهمٍ بأنَّ
الزجّاج أراد بهذا : أنَّ لله عزَّ وجل علمين :
علم
غيب : وهو العلم الذي أحاط بكل شيءٍ في هذا
الكون من الذَّرَّة إلى المجرّة وإلى آخر الأبد ، وهو ما تقوله الشيعة برمتهم.
وعلم
شهادة : وهو بمعنى علم حضور ، وهذا العلم يكون
بمرحلة لاحقة على الأول ، فهو يريد في تأويله : حتى نعلم جهادكم موجوداً فعلاً
فنجازيكم عليه ، مع علمنا به قبل أن نخلقكم ؛ لأنّ الجهاد كان موجوداً في علم
الغيب ، وأما بعلم الشهادة فلا ، لانتفاء موضوعه أصلاً ؛ لتعلقه بمعدوم ، وإنّما
يكون العلم به حضوريا بعد حصوله ، فلا جرم أنْ يقال إذن لهذا النوع من العلم أنّه
يظهر لله عزَّ وجل لا عن جهل بل عن علم تام.