يبحث الكتاب عن أصول الدين ، والعلم
المتكفّل لمثل هذا البحث هو «
علم الكلام ».
ويتميّز ـ بينَ العلوم ـ بوجوبه العينيّ
على كلّ مُنْتَمٍ إلى الدين الإسلاميّ الحنيف ، بل على كلّ انسان يتمتّع بنعمة العقل
، ومخاطب بنداء الضمير والفطرة ، حيث تدعوه إلى البحث عن المسائل الأساسية
المطروحة في هذا العلم.
وقد سلك العلماء مناهج عددةً للوصول إلى
« إثْبات هذه الحقيقة » وتوضيح هذا الوجوب ، وايصال ذلك الخطاب ، وتوجيه تلك
الدعوة.
ويمكن اختصار القول في ذلك بأنّ
الالتزام بعقيدة محدّدة ، وهو الأساس اللازم ليرسم الانسان خُطّةً معيّنة يسير
عليها في حياته ، وكلّما كان الأساسُ قويماً رصيناً ، كانت الخطّة المبتنيةُ عليه
والمرسومة حسبه موصلةًً ، شاملةً موثوقةً.
ومن الواضح ، أنّ الانسان ـ مهما كانت
اتّجاهاته وقدراته وتطلّعاته ـ فإنّه مجبول على الفطرة السليمة ، وموهوب له العقل
الهادي ، فهو ـ لو خُلّيَ وطبعه ـ يحسّ بهاجس هذين العاملين ، فلا بدّ أن يحسّ
بضرورة مثل هذا المعتقّد ، ويتوجّه إلى لزوم مثل تلك الخطّة.
وإنّ من أهمّ ما يعتني به علماءُ الكلام
، ويُحاولون ابراز قدراتهم العلمية ، وابداعاتهم المنهجيّة فيه ، هو ابراز هذه
الحقيقة واثباتها ، ولهذا ـ بعينه ـ اختلفت مناهجهم ، وتعدّدت اساليبهم في عرض
الكتب والمؤلّفات.