سبق أنّ أكثرهم أجازوا صدور الكبائر عن
الأنبياء سهوا قبل النبوّة وبعدها ، وعمدا قبلها ، وأنّ بعضهم أجاز صدورها عمدا
بعدها ، ومنها الكذب في غير التبليغ ، بل أجاز بعضهم صدور الكفر عنهم لله [١] ..
وقد نقل الخصم هناك بعض ذلك [٢] ، فكيف يزعم هنا الإجماع على عصمتهم عن
الكذب؟!
وأمّا ما زعمه من أنّ المراد صورة الكذب
، فلا يلائم الحديث ، ولنذكره لتتّضح الحال ..
روى البخاري في كتاب تفسير القرآن ، في
سورة بني إسرائيل ، عن أبي هريرة ما ملخّصه :
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « أنا سيّد الناس يوم القيامة ،
وهل تدرون ممّ ذلك؟! يجمع الله الناس الأوّلين والآخرين في صعيد واحد ، وتدنو
الشمس ، فيبلغ الناس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ، فيقول الناس : ألا ترون ما قد
بلغكم؟! ألا تنظرون من يشفع إلى ربّكم؟!
فيقول بعض الناس لبعض : عليكم بآدم ؛
فيأتونه ، فيعتذر بأنّ الله سبحانه نهاه عن الشجرة فعصاه ..
ويأتون نوحا بأمر آدم ، فيعتذر بأنّ له
دعوة على قومه ..