ومن هنا وجب على «
المجادل » أن يحتجّ منها بما هو حجّة على الطرف الآخر ..
وبعبارة أخرى ، فإنّ احتجاج المسلمين
بعضهم على بعض في المسائل المختلفة يدور في الأغلب مدار القرآن والسنّة ، أمّا
القرآن فقد اتّفقوا على حجّيّته ، وأمّا السنّة فمنها ما اتّفقوا على تصديقه ،
فيكون مرجعا في الخصومة ، ومنها ما اختلفوا فيه ، وفي هذا القسم لا بدّ من أن يحتج
كلّ بما يصدّقه الآخر ، وإلّا لم تكن « حجّة معتبرة » ، وهذا أمر مسلّم به عند
الكلّ ، ونكتفي هنا بإيراد تصريح به من أحد مشاهير العلماء :
قال ابن حزم الأندلسي ـ في معرض الحديث
عن احتجاج أهل السنّة على الإمامية ـ:
« لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا ،
فهم لا يصدّقونها ، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم ، فنحن لا نصدّقها ،
وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّة به ،
سواء صدّقه المحتجّ أو لم يصدّقه ؛ لأنّ من صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه
العلم الضروري ، فيصير حينئذ مكابرا منقطعا إن ثبت على ما كان عليه » [١].
فهذه هي « الحجّة المعتبرة » عند «
الجدل بالحقّ ».
آداب المناظرة والجدل :
وأمّا الآداب التي يجب على الطرفين
الالتزام بها ـ في الجدل المقصود