يقول ابن تيميّة : فلمّا كان في غزوة
تبوك ، لم يأذن في التخلّف عنها وهي آخر مغازيه ، ولم يجتمع معه الناس كما اجتمعوا
معه فيها ، أي في المغازي الاُخرى ، فلم يتخلّف عنه إلاّ النساء والصّبيان أو من
هو معذور لعجزه عن الخروج أو من هو منافق ، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين
أقوياء يستخلف عليهم ، كما كان يستخلف عليهم في كلّ مرّة ، الباقون عجزة وأطفال وصبيان
ونسوان ، هؤلاء الباقون في المدينة لم يكن حاجة أنْ يستخلف عليهم رسول الله رجلاً
مهمّاً وشخصيّةً من شخصيّاته الملتفّين حوله ، بل كان هذا الإستخلاف أضعف من الإستخلافات
المعتادة منه صلىاللهعليهوآلهوسلم
، أي استخلاف علي في تبوك كان أضعف من استخلاف ابن أُم مكتوم في بعض الموارد التي
خرج من المدينة المنوّرة فيها.
يقول : لأنّه لم يبق في المدينة رجال
كثيرون من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم ، فكان كلّ استخلاف قبل هذه يكون على أفضل
ممّن استخلف عليه عليّاً ، فلهذا خرج إليه علي يبكي ويقول : أتخلّفني مع النساء
والصبيان ؟ فبيّن له النبي أنّي إنّما استخلفتك لأمانتك عندي ، وأنّ الإستخلاف ليس
بنقص ولا غضّ ، فإنّ