والكتّاب الحاضرون تناقضوا ... فمنهم من
مشى على طريقة السّلف ، وعلى هذا الأساس ذهب إلى نفي أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قام بتأسيس دولة ، وجعل من الشريعة
الإسلامية شريعةً روحية محضة ، لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في الدنيا ، ثم طعن
في الخلفاء من بعده وأتباعهم بأنهم كانوا يعملون من أجل الدنيا والفتح والاستعمار
، لا من أجل الدين ، وأن أبا بكر كان أول ملك في الإسلام ، ثم تبعه الملوك الآخرون
، فهم جميعاً كانوا يخدعون الناس باسم الدين ، وأنّ التاريخ الإسلامي لم يكن إلاّ
قهراً وغلبةً وحكماً بالسيف ، وكان شراً وفساداً ونكبة للإسلام والمسلمين [١].
وقد أثار القوم ضجّة كبيرةً على هذا
المؤلف وكتابه ، وكتبت الردود عليه ، حتى كفّروه ، واتّهموه بالتعاون مع السياسات
الأجنبية ، وكانت النتيجة صدور حكم من هيئة كبار العلماء في مصر ضّد الكتاب ومؤلفه
[٢].
ونحن وإنْ كنّا نرى بطلان هذه الفكرة ، إلاّ
أنا نقول بأنّ ما ذهب إليه هذا الشيخ ليس إلاّ ردّ فعلِ للأسس التي بنيت عليه
دعائم مذهب القوم منذ صدر الإسلام ، لكنّهم يكفّرونه ويسكتون عمّن كان السّبب
المباشر لحدوث مثل هذه الفكرة.
* * *
وحول القرآن الكريم ، الذي لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال أئمتهم من الصّحابة بوقوع التحريف في القرآن
، ففي أهم كتبهم الحديثية كالبخاري ومسلم ومسند أحمد والترمذي وابن ماجة والمستدرك
وغيرها ، عن غير واحدٍ من
[١] لاحظ كتاب : الإسلام
وأصول الحكم. للشيخ علي عبد الرزاق من كبار علماء الأزهر ومن مشاهير القضاة في
الديار االمصرّية.
[٢] لاحظ كتاب : الإسلام
والخلافة في العصر الحديث للدكتور محمد ضياء الريّس. وكتاب : حقيقة الإسلام وأصول
الحكم للشيخ محمد بخبت.