فإنْ أراد أنْ رواته كلّهم من الشيعة ، لكون
الكوفة مدينة شيعية.
قلنا : ليس الأمر كذلك ، فقد كان في الكوفة
شيعة وغير شيعة ، بل كان في الكوفة أناس يسبّون علياً ، وعثمانيّون يبغضون علياً عليهالسلام[١].
ولو سلّمنا كون الأمر كذلك فقد عرفت أنّ
التشيع غير ضائر ، بل كان غير واحدٍ من شيوخ البخاري من الشيعة ...
* هذا ، ولا يعارض حديث التمسّك بالكتاب
والعترة ما ورد في بعض كتب القوم من الوصية بالكتاب والسنة بعنوان « الثقلين »
ونحوه ، وهذا واضح ، الاّ أنّه لا بدّ من الالتفات إلى ما يلي :
أولا :
لقد جاء في ( الموطّأ ) ما نّصه : «
وحدثني عن مالك أنّه بلغه أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ قال : تركت
فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب الله وسنة نبيّه » [٢].
أقول :
لم أجد الوصية بالكتاب والسنة بهذا
اللفظ في المصادر الأولية من الصحاح وغيرها ، وهذا الذي جاء في ( الموطّأ ) لا سند
له ، وتعبير « الدكتور » عنه ب « غير متصّل الاسناد » في غير محلّه ، وما في شرح
السيوطي من أنه « وصله ابن عبد البر
[١] روي عن عبد
الرحمن بن أخي زيد بن أرقم قال : « دخلت على أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
فقالت : من أين أنتم ؟ فقلت : من أهل الكوفة. فقالت : أنتم الذين تشتمون النبي
صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟ فقلت : ما علمنا أحداً يشتم النبي صلّى الله عليه
[ وآله ] وسلّم. قالت : بلى أليس يلعنون علياً ويلعنون من يحبّه ؟! وكان رسول الله
يحبّه » رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، بترجمة علي ٢ / ١٦٤ ورواه غيره
أيضاً.