وأرى لزاماً عليّ التنبيه أيضأ إلى أمرٍ
مهمٍّ ، ذكره العلأمة محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن
قائلاً : « إنّ مجتهدي الشيعة لا يسوّغون نسبة أيّ رأي يكون وليد الاجتهاد إلى
المذهب ككل ، سواء كان في الفقه أم الأصول أم الحديث ، بل يتحمل كل مجتهدٍ مسؤولية
رأيه الخاص. نعم ما كان من ضروريات المذهب يصحّ نسبته » [١].
ومن هنا يكون من المجازفة في القول
تعميم الرأي الاجتهادي ما لم يَحْظ بالقبول والشهرة. وكذلك الأمر في المجالات
الأخرى فإنه لو ذهب أحد المفسرين أو الأخباريين إلى رأي ، أو أخذ برواية ، أو أبدى
وجهة نظر معينة ، وحتى لو اعتمد نظرية أو فكرة ، فإنه لايصحّ تحميل المذهب أو
الطائفة ذلك ، بل يكون من المنطتي نسبة الرأي إليه ، وتحميله هو اعتماده على هذه
الرواية أو تلك ، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار منهجه الروائي الخاص. ويكون حينئذ
على الباحث العلمي أن يحصّل رأي المذهب من مجموع آراء الفقهاء والعلماء ، واستنادأ
إلى المنهج العام لديهم بما في ذلك منهجهم في قبول الأخبار والروايات والأسانيد ،
وكذلك يشترط الرجوع إلى ما أصّلوه من المفاهيم والآراء بالرجوع إلى المصادر
الأصلية والأساسية لديهم.
وعليه فبدون ذلك ، أعني بدون الالتفات
إلى هذه الملاحظات المهمة ، فإنّ الباحثين سيقعون بلا أدفى شك في الخلط والمجازفة
والاشتباه ، ولايُعفَون حينئذ من سوء القصد ومحاولة المشاغبة والتشويش وهو ما دأبَ
عليه أسلافهم من المستشرقين وخصوم الإسلام أو الحاقدين على أهل البيت عليهمالسلام ، وعلى مدرستهم الأصيلة في الإسلام
الحنيف ، كما هو شأن إحسان إلهي ظهير والجبهان والبنداري وغيرهم في القديم
والحديث.
[١] الأصول العامة
للفقه المقارن : ص ٥٩٦ ، الطبعة ـ الثانية ١٩٧٩ م ، دار الأندلس ـ بيروت.