والمواسم ، غير
الفطر والأضحى ، ولكننا نجد هؤلاء الذين يدّعون لأنفسهم التبيعة للسلف ، لا
يعترفون بتلك الأعياد والمناسبات أيضا.
٢ ـ وعلى فرض أنّ السلف لم يفعلوا بعض
الأمور ، ومنها الأعياد غير الفطر ، والأضحى ، فإنّ عدم فعلهم لا يضر ، مادام قد
انعقد الإجماع بعد ذلك على إقامة هذه المواسم والأعياد ، ولا سيما عيد المولد
النبوي ، وعمّ ذلك جميع قطاعات الأمة ، صغيرها وكبيرها ، عالمها وجاهلها ، رئيسها
ومرؤوسها الخ .. كما تقدم حين الكلام على أول من عمل المولد النبوي صلىاللهعليهوآله ، وذلك في الفصل الأول وبعده ..
وقد استمر عمل الناس على هذه المواسم ..
الى قرب ظهور ابن تيمية ، الذي أقام الدنيا وأقعدها ، في إنكاره أموراً واضحة ،
وفي دعاواه العريضة.
وهم أنفسهم قد صرّحوا : بأن الإجماع
معصوم ، وبأنه يمكن أنعقاده في كل عصر وزمان ، ويكون حجة.
بل لقد صرّحوا : بأنّ الإجماع نبوّة بعد
نبوّة ، وليس لهم دليل معصوم سواه ، وقد جعله الله في الشريعة خلف النبوّة ، حيث
كان نبيّها خاتم الأنبياء ، لا يخلفه نبي ، فجعل اجتماع أمته بدلاً من نبوّة بعد
نبوّة. [١]
نعم .. وقد أنعقد هذا الإجماع أيضاً على
إقامة مراسم النيروز ، والمهرجان ، وكذا عيد الحجامة ، والختان ، وغير ذلك في
العصور الثلاثة الأول ، ثم على إقامة المولد بعد ذلك ..
٣ ـ وأمّا بالنسبة لإنكار بعض السلف
زيارة القبور ـ قبور أئمة أهل البيت ـ في مواسم معينة ، لأسباب سياسية ـ كما ظهر
من المنصور ـ والمتوكل ـ ولتعصبات مذهبية ... إنْ صَلُحَ هذا دليلا ، فإنّما يصلح
دليلا لأتباع ذلك البعض ، وهو حجة عليهم ، دون غيرهم من سائر الفرق والمذاهب
الإسلامية.
٤ ـ أضف إلى ذلك كله .. أنّ آراء السلف
وأقوالهم ، ومواقفهم
[١]
راجع فيما تقدم : المنتظم لابن الجوزي / ج ٩ / ص ٢١٠ ، وبحوث مع أهل السنّة
والسلفية / ص ٢٧ عنه ، عن أبي الوفاء بن عقيل ، أحد شيوخ الحنابلة ، وراجع ( حول
عصمة الاجماع أيضا ) كتاب : الإلمام / ج ٦ / ص ١٢٦ ، والإحكام في أصول الأحكام / ج
١ / ص ٢٠٤ و ٢٠٥ ، وحول حجية الاجماع في كل عصر / ص ٢٠٨ ، فما بعدها ، وراجع كذلك
: تهذيب الأسماء واللغات ، القسم الاول / ج ١ / ص ٤٢ ، وسائر كتب الأصول الباحثة
حول الاجماع وحجيته على مذاق أهل السنّة.