اسم الکتاب : المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 167
وهذا معنى ما قلناه من أنَّ الإمامة
المبكّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت عليهمالسلام
، وليست مجرّد افتراض ، كما أنَّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها
المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربانية ، ويكفي مثالاً
لظاهرة الإمامة المبكّرة في التراث الرباني : النبي يحيى عليهالسلام ، قال تعالى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ
وَآتَيناهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً
.. )[١].
ومتى ثبت أن الإمامة المبكّرة ظاهرة
واقعية وموجودة فعلاً في حياة أهل البيت ، لم يَعُدْ هناك اعتراض فيما يخصّ حياة
المهدي عليهالسلام ، وخلافته لأبيه
وهو صغير.
السؤال الثاني : طول العمر
إن أهم ما يثيرونه في هذا المجال ، ويروّجون
له باستمرار قديماً وحديثاً ، هو قولهم : إذا كان المهدي يُعبّرُ عن إنسان حيّ
عاصرَ الأجيال المتعاقبة منذ أكثر من أحدَ عشرَ قرناً فكيف تأتّى له هذا العمر
الطويل ؟ وكيف نجا من القوانين الطبيعية التي تحتمّ مروره بمرحلة الشيخوخة [٢] !!
ومن الجائز أن نطرح الشبهة بصورة سؤالٍ
كأن يقال : هل بالإمكان أن يعيش الانسانُ قروناً طويلة ؟!
وللإجابة عن هذا
السؤال لابدَّ من التمهيد ببحث مسألة الإمكان هنا. فهناك ثلاثة أنواع متصورة للإمكان
:
الأول : ما يصطلح
عليه بالإمكان العملي ، ويُراد به ما هو ممكن
[١] سورة مريم : ١٩
/ ١٢. وقد مرّ في الفصل الثاني برقم ٥ و ٨ اعتراف أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ، وأحمد
بن يوسف القرماني الحنفي بان المهدي عليهالسلام
اُعطي الحكمة وهو صبيٌّ ، فراجع.
[٢] هذه الشبهة
مطروحة في كتب العقائد منذ القرون البعيدة ، وقد ذكرها وتصدى للاجابة عنها كبار
علماء الإمامية ، بوجوهٍ جديدة ومن أبعاد مختلفة ، ونحن نتعرّض لبعضها فقط.
اسم الکتاب : المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 167