اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد الجزء : 1 صفحة : 96
الطائفة الثانية: المفرِّطون في أدوات المعرفة
و هؤلاء يعتقدون بما وراء الطبيعة، غير أَنَّهم يعتقدون بارتفاع قمم ذلك العالم و شموخها بحيث لا يمكن أَنْ تبلُغَها العقول و تنالَها الأَفهام.
و هؤلاء يدعون أَمراً و لا يَأْتون عليه بدليل، فإِنَّ عند العقل قضايا بديهيةً كما أَنَّ لديه قضايا نظريةً منتهيةً إلى البديهية. و القضايا البديهيةُ صادقةٌ بالبداهة في حق المادة و غير المادة. و كما أنَّ العقل يستنتج من إِنهاء القضايا النظرية في الأمور الطبيعية إلى البديهية، نتائجَ كانت مجهولة، فهكذا عمله في القضايا الراجعة إلى ما وراء المادة. و ستقف على كيفية البرهنة على صفاته و أَفعاله بهذا الطريق في ثنايا الكتاب.
الطائفة الثالثة: مُدّعو الكشف و الشهود
و هؤلاء يعتقدون أنّ الطريقَ الوحيد للتعرف على ما وراء الطبيعة هو تهذيبُ النفس و جعلُها مستعدةً لقبول الإِفاضات من العالم الرّبوبي، و هذا في الجملةِ لا إِشكال فيه، ولكن حصرَ الطريق بالكشف و الشهود ادعاء بلا دليل. فلا مانع من أَنْ تكون أَدوات المعرفة متعددةً من الحسّ و العقل و الكشف.
الطائفة الرابعة: الحنابلة و بعض الأَشاعرة
و هؤلاء يعتقدون بأَنَّ الطريق الوحيد للتعرف على العالم الربوبي هو إِخبار السماء، فلا يجوز لنا الحكم بوحدة الذات الإِلهية أَو كثرتِها، و بساطَتِها أَو تَرَكُّبِها، و جسمانِيَّتِها أو تَجَرُّدِها، إِلاّ بالأَخبار و الأَنباء الواردة من السماء. و قد عزب عن هؤلاء أنَّ العقل عنصر سماوي موهوب من قبل الله تعالى للإِنسان لا كتشاف الحقائق بشكل نسبي. قال سبحانه: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الاَْبْصَارَ
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد الجزء : 1 صفحة : 96