responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 347

و نحو ذلك لو تدبروا في قوله سبحانه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)[1]، لأذعنوا بأنَّ المراد من إثبات بسط اليد لله سبحانه ليس هو البسط الحسي، بل المراد بيان سعة جوده و بذله. كما يذعنون به عند الوقوف على قوله سبحانه: (وَ لاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً)[2].

فعندئذ نتساءل: أي فرق بين الآيتين بحيث أن المثبتين للصفات يحملون الآية الأولى على المعنى المتبادر من اليد عند الإِفراد، ثم لأجل الفرار من التجسيم يعقبونه بقولهم «بلاكيف». و في الوقت نفسه لا يشك هؤلاء أنفسهم في أنَّ المراد من الآية الثانية هو البذل و الجود أو التقتير و البخل؟!!

إلى هنا ظهر أَنَّ ما تمسكت به الحنابلة و الأشاعرة في إثبات الصفات الخبرية لله سبحانه، يبتني على التمسك بالظهورات الحرفية و المعاني الإِفرادية، غافلين عن أنّ المتبع في المحاورات هو الظهور التصديقي برعاية القرائن المتصلة بالكلام و المفهومة عند العرب سواء أوافقت المعاني الإِفرادية أم لا. ولو مشوا على تلك الضابطة لوقفوا على تنزيهه سبحانه عن إثبات هذه الأَعضاء و المعاني له. و قد اكتفينا في هذا المقام بتبيين الأَلفاظ الثلاثة: العرشُ واستواؤه عليه، الوجه، اليد. و على ضوء ما بيناه من الضابطة تقدر على تبيين سائر الأَلفاظ الواردة في الذكر الحكيم والسنَّة الصحيحة.

***

1 . سورة المائدة الآية 64.
2 . سورة الإِسراء: الآية 29.

اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست