اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد الجزء : 1 صفحة : 254
و قُبح الإِساءة. و منها ما يكون مقتضياً لأحدهما، فهو موجب للحسن لو لم يعرض عليه عنوان آخر، و هكذا في جانب القبح. و قد تقدم أنَّ حُسْن الصّدق و قُبح الكذب من هذا القبيل. و منها ما لا يكون علة و لا مقتضياً لأحدهما كالضرب، جزاء أو ايذاءً.
***
إلى هنا خرجنا بهذه النتيجة و هي أنَّ هناك أفعالا يستقل العقل بحسنها و قبحها، و يقضي بهما من دون أن يستعين بالشرع، ويرى حسنها و قبحها مطّرداً في جميع الفاعلين، من غير اختصاص بالخالق أو المخلوق. و قد ذكرنا مِلاك قضائه و هو ملاءمة الفعل أو منافرته للشخصية العلوية المثالية التي خلق الإِنسان عليها.
ثم إنَّ القول بالتحسين والتقبيح العقليين إنما يتم على القول بأنَّ الإِنسان فاعل مختار، و أمَّا على القول بأنَّه مجبور فى أفعاله، فالبحث عنهما منفي بانتفاء موضوعه، لأن شيئاً من أفعال المجبور لا يتصف بالحسن و لا بالقُبح عقلا. و بما أنَّ الأشاعرة يصوّرون الإِنسان فاعلا مجبوراً، فلازم مقالتهم نفي التحسين و التقبيح العقليين، و سيوافيك كون الإِنسان فاعلا مختاراً غير مجبور، كما سيوافيك نقد ما استدل به الأشاعرة على مقالة الجبر[1].
التَّحسين و التقبيح في الكتاب العزيز
إِنَّ التدبّر في آيات الذكر الحكيم يعطي أنَّه يُسَلّم استقلال العقل بالتحسين و التقبيح خارج إطار الوحي، ثم يأمر بالحَسَن و ينهي عن القبيح.
***
[1] لا حظ شرح تجريد الاعتقاد للفاضل القوشجي، ص 329، حول قولهم بكون الإِنسان مجبوراً في فعله. و سيوافيك مفصّلا البحث في الجبر الأشعرى عند البحث في «العدل الإِلهى و أفعال الإِنسان».
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد الجزء : 1 صفحة : 254